فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية (المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية)
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢١هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
العقائد والملل
الله بأسماءٍ ما أنزلَ الله بها مِن سُلطانٍ، ومِنهمِ مَن قالَ: لَيْسَ لِلَّهِ صفات قامتْ بِهِ، ومِنهم مَن قالَ: صِفاتُه لَيسَتْ عَيْنَ ذاتِهِ ولا غيرَهُ، ومِنهم مَن قالَ: إنَّ صفاتِه غيرهُ، ومِنهم مَن قال: إنَّ الله لم يَتكَلَّمْ بالكُتُبِ التي أنْزَلَها، وَأثْبَتوا لَه الكَلامَ النَّفسيَّ، وأنَه لم يُكَلِّمْ أحدًا مِن رُسُلِهِ، إلى غير ذلك من الإِلحادِ الذي حَشَوا به كُتبهُمْ ملؤوها مِن الهَذَيانِ، وظَنُّوا أنَّ الآية مُخْتَصَّةٌ بِأهلِ الجاهِلِيَّةِ، وَمَا دَرَوا أنَّهُمُ الفَرْدُ الكامِلُ لعُمومِها. ومَن بَصَّرَه وَنَوَّرَ قَلْبَه، أعْرَضَ عَن أخْذِ عَقائِدِهِ مِن كُتُبِ هؤلاءِ الطوائفِ، وتَلَقَّى مَعْرِفَةَ إِلهِهِ مِن كُتُبِ السَّلَفِ المُشْتَمِلَةِ على نُصوصِ الكِتابِ والسُّنَّةِ.
[نسبة النقائص إلى الله سبحانه]
نسبة النقائص إلى الله سبحانه (الثلاثون): نسْبة النَّقائصِ إليه سبحانَه كالولَدِ والحاجَةِ. فإِنَّ النَّصارى قالوا: المَسِيحُ ابنُ الله، وطائفة مِن العَرَب قالوا: الملائكةُ بناتُ الله، وقوم مِن الفَلاسِفَةِ قالوا بِتَوليدِ العُقولِ، وقوم مِن اليَهودَ قالوا: العُزَيْرُ ابنُ الله، إلى غيرِ ذلِكَ.
وقد نَزهَ الله نَفْسَه عن كُل ذلِكَ ونَفاه عنه بقوله: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - اللَّهُ الصَّمَدُ - لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ - وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١ - ٤] وبقوله [الصافات: ١٥١- ١٥٢]: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ - وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الصافات: ١٥١ - ١٥٢] وقوله [الأنعام: ١٠٠- ١٠١]: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ - بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٠٠ - ١٠١] وهذا يَعُمُّ جميعَ الأنواعِ التي تُذْكَرُ في هذا البابِ عن بعضِ الأمَمِ، كما أنَّ ما نفاه من اتِّخاذِ الوَلَدِ يَعُمُّ أيْضًا جميعَ أنواعِ الاتِّخاذاتِ، لا اصطفاؤُه. كما قال تَعالى [المائدة: ١٨]: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [المائدة: ١٨] قالَ السُّدِّيُّ: قالوا: إنَّ الله تَعالى أوْحى إلى إسرائيلَ إنّ وَلَدَكَ
1 / 235