ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين .
هذا موقف عمر في شأن من شئون المسلمين العامة قبل أن ينزل الوحي بحكم فيه، ولم تكن شئون رسول الله الخاصة في رأي عمر كشئون غيره من الناس، بل كانت كشئون المسلمين العامة سواء، لذلك لم يكن يأبى أن يتعرض لها وأن يحدث النبي فيها، روى البخاري عن عائشة أنها قالت: «كان عمر يقول لرسول الله
صلى الله عليه وسلم : احجب نساءك فلم يفعل، وكان أزواج النبي يخرجن ليلا قبل المناصع،
5
خرجت سودة بنت زمعة، وكانت امرأة طويلة، فرآها عمر بن الخطاب وهو في المجلس فقال: عرفتك يا سودة، حرصا على أنه ينزل الحجاب، فأنزل الله عز وجل آية الحجاب.» وروي عن عمر أنه قال: «قلت: يا رسول الله! سيدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فنزلت آية الحجاب.» وآية الحجاب قوله تعالى:
يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا * وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا
وقوله جل شأنه:
يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما .
كان لعمر مع النبي في شئونه الخاصة موقف آخر، لعله لم يكن يقفه لولا أن ابنته حفصة كانت من أمهات المؤمنين، ذلك أن أزواج النبي أوفدن إليه يوما زينب بنت جحش وهو عند عائشة تصارحه بأنه لا يعدل بينهن، وأنه لحبه عائشة يظلمهن، فلما ولدت مارية إبراهيم وشغف رسول الله بالطفل حبا، ظاهرت عليه حفصة وعائشة وتابعهما سائر أزواجه، حتى رأى أن يهجرهن وأن يهدد بفراقهن، ورد في الصحيح عن ابن عباس أنه سأل عمر: من اللتان تظاهرتا على النبي من أزواجه؟ وأجابه عمر: تلك حفصة وعائشة، ثم قال: «والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا، حتى أنزل الله تعالى فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم، فبينما أنا في أمر أأتمره إذ قالت لي امرأتي: لو صنعت كذا وكذا! فقلت لها: وما لك أنت ولما ها هنا وما تكلفك في أمر أريده؟ فقالت لي: عجبا لك يا بن الخطاب! ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
صفحة غير معروفة