49
وقرياقوس يتملقه فيزداد الآغا عتوا، وجاء دور خروج المحبوسين لقضاء حاجتهم.
فكلف الآغا قرياقوس حمل تنكة الحاجات فحملها مطيعا.
وخرج مع المحبوسين إلى الرمل مخفورا، فشفى الآغا نفسه، وتلذذ بمرأى خصمه ذاهبا تحت خفارة الجند.
وفي اليوم الثاني حمله إياها فحملها مطيعا، والعادة أن يتناوب المسجونون حملها، وفي اليوم الثالث حملها أيضا وهو يضحك. وانتظر الآغا عودة المسجونين؛ ليرى قرياقوس ذليلا مهانا على عيون الناس، ولكن قرياقوس راح ضاحكا، وعاد باشا، منبسط الوجه كأنه عائد من عرس.
وقف الآغا على سفرة درج السراي متقنشفا كالديك الحبشي، يصب نظراته من عل على المسجونين العائدين، وكان في ساحة السراي أناس يعرفون قرياقوس، فسأله أحدهم عن حاله، وهل من خدمة يقضيها له، أو ماذا يبلغ أهله في عين كفاع. فضرب قرياقوس على «تنكة الحاجات»، وقال بصوت جهوري لذلك الرجل على مسمع الآغا والناس: قل لهم قرياقوس مرتاح، وظيفته «كرارجي»
50
عند فارس آغا.
فطار عقل الآغا وهجم على قرياقوس، ولكنه لم يمد إليه يده، نوى أن يضيق عليه أكثر فلم يعفه في الغد من القيام بمهمته تلك، بل تبعه إلى حيث يقضي المسجونون حاجتهم الكبرى. أطال قرياقوس القعود فشكاه الجندي إلى الآغا فتقدم لزجره، وأمره بالنهوض، فقال له قرياقوس قبل أن يلفظ كلمة: عزيز من غير وقوف يا آغا، ثم قام بعد أن قضى غرضه ...
فهدأت ثورة الآغا بغتة، وبدلا من أن يرفسه أو يلكمه أجابه: الكبار لا تقوم عن المائدة. صحتين وعافية.
صفحة غير معروفة