الفراشة والدبابة وقصص أخرى: مختارات قصصية من الأعمال القصصية الكاملة لإرنست
تصانيف
2
من بين سرب صغير عبر الطريق قبل غروب الشمس مباشرة. كانت الطيور قد سارت على الطريق القديم الذي سلكه الفيل كيما تنفض الغبار عنها، تمشي بأناقة وثقل، وحينما قصفت الحصاة إحداها وبدأ الطائر يرف ويضرب بجناحيه متلاطما، وجرى طائر آخر إليه ينقره، وضع ديفيد حصاة أخرى وجذبها إلى آخرها ثم أطلقها نحو أضلاع الطائر الثاني. وحين جرى لكي يضع يده فوقه طارت بقية الطيور الأخرى بعيدا. وكان جمعة ينظر خلفه وابتسم هذه المرة، والتقط ديفيد الطائرين دافئين سمينين ذوي ريش أملس، وضرب رأسيهما على مقبض سكين صيده. وبعدها قال والده حيث كانوا قد أقاموا مخيمهم لليل: إني لم أر أبدا هذا النوع من الطيور في مثل هذه الأعالي. لقد أحسنت بحصولك على زوج منها.
وطبخ جمعة الطائرين بعد أن رشقهما في عصا فوق نيران جمرات صغيرة. وشرب والده ويسكي بالماء من قدح غطاء قنينته، ورقدا يرقبان جمعة وهو يطبخ. وبعد ذلك أعطى جمعة لكل واحد منهما صدر طائر وبه القلب، وأكل هو عنق الطائرين وظهريهما وأرجلهما.
قال والده: إن ذلك عظيم الفائدة يا ديفي. إن لدينا زادا طيبا جدا الآن.
وسأل ديفيد: كم نبعد عنه الآن؟
قال والده: إننا قريبون جدا. إن ذلك يعتمد على ما إذا كان يرتحل حين يظهر القمر أم لا. هذا يعني ساعة أخرى هذا المساء وساعتين منذ رأيته أنت. - لماذا يعتقد جمعة أنه يعرف طريقه؟ - لقد جرحه وقتل صديقه على مقربة من هنا. - ومتى حدث ذلك؟ - يقول إن ذلك حدث منذ خمس سنوات. هذا يعني أي وقت. يقول حين كنت أنت طفلا. - وهل أصبح الفيل وحيدا منذ ذلك الوقت؟ - إنه يقول ذلك. هو لم يره بعد ذلك. سمع عنه فحسب. - ماذا يقول عن حجمه؟ - يقارب المائتين. أكبر من أي شيء رأيته. يقول إنه لا يوجد إلا فيل واحد أكبر منه، وهو من نفس هذه المنطقة أيضا.
قال ديفيد: يحسن بي أن أنام. أرجو أن أشعر بتحسن غدا.
قال والده: لقد كنت عظيما اليوم. إني جد فخور بك. وجمعة أيضا.
وفي الليل استيقظ حين سطع القمر، وكان على يقين بأنهما لم يكونا فخورين به إلا لمهارته في اصطياد الطائرين. لقد عثر على الفيل ليلا وتتبعه؛ كيما يرى أن لديه نابيه الاثنين ثم عاد باحثا عن الرجلين ليدلهما على الطريق. وعلم ديفيد أنهما فخوران بذلك. ولكن ما إن بدأت الرحلة القاتلة، أصبح بلا فائدة لهما، ويمثل خطرا على نجاحهما مثلما كان كيبو بالنسبة له حين اقترب من الفيل خلال ظلمة الليل، وعرف أن كلا من الرجلين يندم بشدة لأنهما لم يحملاه على العودة حين كان الوقت مناسبا لذلك. كان نابا الفيل يزنان مائتي رطل للواحد منهما. ومنذ أن نما هذان النابان فوق حجمهما الطبيعي أصبح الفيل هدفا للصيد، وسوف يقتله ثلاثتهم الآن من أجلهما.
كان ديفيد واثقا أنهما سيقتلان الفيل الآن؛ لأنه - أي ديفيد - قد تحمل اليوم بطوله وتحامل بعد أن دمره السير بحلول الظهيرة. ولذلك فمن المحتمل أنهما كانا فخورين به أن قام بذلك. بيد أنه لم يسهم بشيء مفيد في عملية الصيد، وكان من الأفضل لهما بكثير ألا يكون معهما. وقد تمنى مرات كثيرة خلال اليوم ألا يكون قد خان الفيل، وعند الأصيل تذكر أنه تمنى ألا يكون قد رآه قط. وأدرك وهو مستيقظ تحت ضوء القمر أن ذلك غير صحيح.
صفحة غير معروفة