الفرج بعد الشدة
محقق
عبود الشالجى
الناشر
دار صادر، بيروت
سنة النشر
1398 هـ - 1978 م
دخل به داره بقرب دار ابن طاهر، فكبسته في الموضع، فإذا هو قد نزع تلك الثياب، ولبس ثياب المكدين التي رأيتها عليه أولا.
فحملته، وغطيت وجهه، وكتمت أمره، حتى أدخلته دار القاسم، ودخلت إليه، فقصصت عليه الخبر.
اتفقت الآن الروايتان.
فلما فرغ القاسم من شغله، استدعاه، فقال له: اصدقني عن أمرك، أولا ترى ضوء الدنيا، ولا تخرج من هذه الحجرة، والله، أبدا.
قال: وتؤمنني؟ قال: أنت آمن، فنهض لا قلبة به.
فتحير القاسم، وقال له: خبرك؟ فقال: أنا فلان الهاشمي، وأنا رجل متجمل، وأنا أتخبر عليك للمعتضد، منذ كذا وكذا، وأنزل في درب يعقوب، بقرب دار ابن طاهر، ويجري علي المعتضد في كل شهر خمسين دينارا، فأخرج كل يوم من بيتي، بالزي الذي لا ينكره جيراني، فأدخل دارا في الخلد، بيدي منها بيت بأجرة، فيظن أهلها أني منهم، ولا ينكرون تغيير الزي.
فأخرج من هناك بهذه الثياب، وأتزامن من الموضع وألبس لحية فوق لحيتي، مخالفة للون لحيتي، حتى إذا لقيني في الطريق، بالاتفاق، بعض من يعرفني، أنكرني.
فأمشي زحفا من الخلد إلى دارك، فأعمل جميع ما حكاه صاحب خبرك، وأستقي أخبارك من غلمانك، وهم لا يعرفون غرضي، فيخرجون إلي من الأسرار، بالاسترسال، ما لو بذل لهم فيه الأموال ما خرجوا به.
ثم أخرج فأجيء إلى موضعي من الخلد، فأغير ثيابي، وأعطي ذلك الذي
صفحة ٨٩