بكونه قتل مؤمن، ولذا اعترف في كلامه بأنه لو قتله كان معذورا، فإذا لم يكن هذا الفعل الذي تحقق التجري في ضمنه مما يتصف بحسن أو قبح، لم يؤثر في اقتضاء ما يقتضي القبح، كما لا يؤثر في اقتضاء ما يقتضي الحسن لو فرض أمره بقتل كافر فقتل مؤمنا معتقدا كفره، فإنه لا إشكال في مدحه من حيث الانقياد وعدم مزاحمة حسنه بكونه في الواقع قتل مؤمن.
ودعوى: أن الفعل الذي يتحقق به التجري وإن لم يتصف في نفسه بحسن ولا قبح - لكونه مجهول العنوان - لكنه لا يمتنع أن يؤثر في قبح ما يقتضي القبح بأن يرفعه، إلا أن نقول بعدم مدخلية الأمور الخارجة عن القدرة في استحقاق المدح والذم، وهو محل نظر، بل منع.
وعليه يمكن ابتناء منع الدليل العقلي السابق (1) في قبح التجري.
مدفوعة - مضافا إلى الفرق بين ما نحن فيه وبين ما تقدم من الدليل العقلي، كما لا يخفى على المتأمل -: بأن العقل مستقل بقبح التجري في المثال المذكور، ومجرد تحقق ترك قتل المؤمن في ضمنه - مع الاعتراف بأن ترك القتل لا يتصف بحسن ولا قبح - لا يرفع قبحه، ولذا يحكم العقل بقبح الكذب وضرب اليتيم إذا انضم إليهما ما يصرفهما إلى المصلحة إذا جهل الفاعل بذلك.
ثم إنه ذكر هذا القائل في بعض كلماته: أن التجري إذا صادف المعصية الواقعية تداخل عقابهما (2).
صفحة ٤٤