(1) سحر التقطير
إن معظم من أسعده الحظ منا بما يكفي ليجري عملية تقطير يعرف الإثارة التي ينطوي عليها الحصول على «روح» صافية من محلول داكن عكر، واستخلاص زيت نقي من راسب كدر، بل وحتى مشاهدة التصلب المفاجئ لنواتج التقطير المجمعة لتتحول إلى إبر بلورية بيضاء؛ فعند تقطير خليط تخمير خام، سنحصل على «كحول» مسكر. ولعل مما يثير التعجب قليلا أن التقطير يرادفه «التصحيح»؛ أي وضع الأشياء في حالتها الصحيحة. في الواقع، قد يعتبر التقطير في حد ذاته ممارسة دينية للارتقاء والانحدار:
1
ارتق بأقصى درجات الاعتدال من الأرض إلى السماء، ثم عودة مرة أخرى من السماء إلى الأرض، ووحد معا قوى الأشياء العظيمة والأشياء الوضيعة. هكذا تحصل على مجد العالم أجمع، ولا تعود أبدا خامل الذكر.
تشير الأدلة الأثرية إلى أن التقطير كان يمارس ربما قبل 5000 عام؛
2
فكلنا يعلم أن الغطاء الموضوع على إناء حساء يغلي سوف يكثف بخار الماء. وليس من الصعب تخيل تصنيع أغطية الأواني برفع حوافها لأعلى لصنع مجرى لتجميع السوائل المكثفة.
2 ،
3
وقد كشفت الأبحاث الأثرية في المناطق المماثلة لبلاد الرافدين القديمة عن دلائل على وجود «أداة» على هذا النحو تعود إلى ما قبل 3500 عام قبل الميلاد تقريبا.
صفحة غير معروفة