9
غير أن تطبيق هذه الكلمة غولي فيه بعد، ورمى لأكثر من هذا، فقال الشاعر «هوراس
Horace »
10
إن مبدأ أرسطبس الأول، ومثله الأعلى في الحياة انحصر في أن يكون الإنسان «سيدا للأشياء لا عبدا لها»؛ أي إنه يجب علينا أن نملك لذائذنا من غير أن نجعلها تملكنا،
11
وفي كلمة يتناقلها الأدباء عن حممة بن رافع الدوسي، تعبير عن هذا المبدأ في إيجاز وإحاطة حيث يقول: «أجود الناس من بذل المجهود، ولم يأس على المفقود.»
أما رصانته ورباطة جأشه فقد حازت إعجاب أرسطوطاليس، الذي روي عنه مرة أن أرسطبس قال له على أثر حديث عن أفلاطون فيه شيء من ريح الاعتداد بالنفس: «ما أبعده عن صاحبنا!» يعني سقراطا.
كان في أخلاقه عنصر أصيل من تلك العناصر المرحة الطروبة، خلصه من شعور التوجس مما يخفيه المستقبل، ونجاه من الأحزان الممضة، على ما ذهب به الماضي، وكان من صفاته الفريدة قدرته على الجمع بين التلذذ بما بين يديه من الأشياء، مع التحرر من الكثير مما يعده غيره من ضرورات الحياة، ثم رقة حاشيته وهدوء نفسه، في مواقف تثير أشد السخط، وتبعث على أقصى الغضب، تلك الصفات التي خلفت أكبر الأثر في كل معاصريه، ممن كان لهم أقل اتصال به.
وبالرغم من أن طبيعته كانت تميل به إلى السلم، وتقيه من أن يزج بنفسه في مضطرم المنازعات والجدل، حتى لقد أقصته عن أن يأخذ بضلع في الحياة العامة، فإن الشجاعة لم تكن تنقصه، تلك الشجاعة التي تجلت - سلبا لا إيجابا - في احتقاره الشديد للمال والحطام والثروة بمفاتنها، وفي عدم اكتراثه بالآلام.
صفحة غير معروفة