يقف بوبر بحسم وبقطع - وبشجاعة أيضا - رافضا هذا المعيار المسلم به، معتزا بحله لمشكلة الاستقراء، وحينما نرى كم حيرت هذه المشكلة الفلاسفة منذ هيوم حتى رسل العظيم، سندرك أنه محق في هذا الاعتزاز، مصرا على أن الاستقراء بجلال سلطانه محض خرافة، آتيا بمنهج جديد للعلم ... كل ذلك لكي يفسح المجال أمام معياره في التمييز. (4)
على هذا يجمل بنا رسم صورة عامة للمنهج الاستقرائي ولمشكلته الشهيرة، حتى يتضح الميراث الفلسفي الذي تسلمه بوبر من علم مناهج البحث، ثم نوضح موقفه الفلسفي من هذا الميراث.
الفصل الأول
المعيار التقليدي: المنهج الاستقرائي
(1) الاستقراء معيار تمييز العلم (1) تطبيق المنهج الاستقرائي في العلوم التجريبية، ومراعاة قواعده مراعاة دقيقة، يعتمد بوصفه الفيصل الحاسم بين العلم واللاعلم، ويعتبر ذلك من المسلمات التي تعلو فوق النقاش.
فانظر إلى هذه المقتبسات:
تعريف العلم على أساس منهجه، أمر يطابق العادات المألوفة في كل حالة لا يكون فيها خلاف؛ لهذا السبب فسأستعمل كلمة علم للدلالة على مجمل المعرفة التي يصار إلى جميعها بواسطة المنهج العلمي.
1
ومنهج تأسيس العبارات العامة على الملاحظات المتراكمة لحالة معينة يعرف بالاستقراء، وينظر إليه على أنه سمة العلم، بعبارة أخرى فإن استخدام المنهج الاستقرائي، يعتبر معيار التمييز بين العلم واللاعلم، وبذلك تتعارض العبارات العلمية القائمة على أدلة ملحوظة تجريبيا - أي القائمة باختصار على حقائق - مع أية عبارات من نوع آخر، سواء قامت على النفوذ أو العاطفة أو التقاليد أو التأمل أو الانحياز أو العادة، أو أي أساس آخر.
2
صفحة غير معروفة