نظاميات تطور السلالات
بعد الاتفاق على تعيين الكائنات الحية لأنواع، تكون الخطوة التالية في التصنيف البيولوجي هي تنظيم الأنواع في تصنيفات أعلى. ما هي المبادئ التي يجب استخدامها للقيام بذلك؟ إن الإجابة المعيارية يقدمها لنا علم نظاميات تطور السلالات، المعروف أيضا باسم التصنيف التفرعي (الكلاديسيات)، وهو المنهج التصنيفي السائد اليوم. إن الفكرة الرئيسية لنظاميات تطور السلالات هي أن التصنيف يجب أن «يعكس التاريخ التطوري»، أي إنه يجب تصنيف الأنواع وفقا لمدى ارتباطها. بتعبير أدق، يجب أن تكون جميع المجموعات التصنيفية فوق مستوى النوع، سواء كانت أجناسا أو فصائل أو رتبا أو غيرها، أحادية العرق وفقا لنظاميات تطور السلالات.
المجموعة الأحادية العرق، أو الفرع الحيوي، هي المجموعة التي «تضم فقط جميع أحفاد نوع سلف واحد». بعبارة أخرى، يجب أن تشترك الأنواع في المجموعة أحادية العرق في سلف واحد «ليس سلفا» لأي نوع خارج المجموعة. للمجموعات الأحادية العرق أحجام مختلفة. في أحد أقصى الطرفين، تشكل جميع الأنواع التي وجدت يوما مجموعة أحادية العرق، بافتراض أن الحياة على الأرض نشأت مرة واحدة فقط. على الطرف النقيض، توجد مجموعات أحادية العرق مكونة من نوعين فقط؛ إذا لم ينحدر سواهما من سلف مشترك. وفق نظاميات تطور السلالات، لا ينبغي الاعتراف بالمجموعات غير الأحادية العرق في التصنيف البيولوجي، بغض النظر عن مدى تشابه أعضائها؛ إذ تعتبر أنها تجميعات «اصطناعية» وليست «حقيقية».
لاستيعاب مفهوم أحادية العرق، تأمل شكل
5-2 ، وهو شجرة تطور السلالات التي تصور نمط الأسلاف بين الرئيسيات. تصور التفرعات الموجودة في الشجرة أحداث الانتواع، التي ينقسم عندها نسل أحد الأسلاف إلى اثنين. تشكل الرئيسيات مجموعة أحادية العرق لأنها تضم فقط كل أحفاد سلف مشترك (عاش قبل حوالي 63 مليون سنة)، كما هو موضح في قاعدة الشكل.
شكل 5-2: سلالة مجموعات الرئيسيات الأساسية.
يندرج تحت الرئيسيات عدد من المجموعات الأحادية العرق الأصغر. على سبيل المثال، المجموعة المعروفة باسم فصيلة القرد العظيم {الأورانجوتان، الغوريلا، الشمبانزي، البونوبو، الإنسان}، هي مجموعة أحادية العرق؛ فهي تضم فقط جميع أحفاد نوع واحد من السلف، وتنقسم عند النقطة المميزة بعلامة
x . على النقيض من ذلك، فإن مجموعة {الغوريلا، البونوبو، البشر} ليست أحادية العرق. على الرغم من أن الأنواع في هذه المجموعة لها سلف مشترك، لكن هذا السلف هو أيضا سلف للشمبانزي، غير الموجود في المجموعة. بالنظر إلى شجرة تطور السلالات، من السهل تحديد ما إذا كانت أي مجموعة أحادية العرق أم لا؛ فما عليك سوى تتبع أعضائها حتى تجد السلف المشترك لهم، ثم تتحقق لمعرفة ما إذا كان لهذا السلف أي أحفاد ليسوا في المجموعة.
إن اشتراط أن تكون جميع الأصناف أحادية العرق أمر منطقي من المنظور التطوري. علاوة على ذلك، فإن هذا عادة ما يؤدي إلى تصنيفات معقولة بيولوجيا، بمعنى تجميع الأنواع التي لها سمات مشتركة. هذا لأن الأنواع في أي مجموعة أحادية العرق سيكون لها في العموم سمات مميزة تعرف باسم «التماثلات»، ورثتها من سلفها المشترك. على سبيل المثال، جميع الأنواع في فصيلة القردة العليا كبيرة حجما مقارنة بالرئيسيات الأخرى، وتفتقر إلى الذيل، وتظهر ازدواجا واضحا في الهيئة الجنسية (الاختلافات بين الذكور والإناث ). على النقيض من ذلك، تفتقر الجبون والقرود التي ليست من عائلة القردة العليا إلى بعض تلك السمات أو كلها. لذلك، يمكن إجراء تعميمات بيولوجية مثيرة للاهتمام حول أنواع القردة العليا لا تنطبق على الأنواع خارج تلك الفصيلة.
لكن في حالات أخرى، يؤدي شرط أحادية العرق إلى وضع تصنيفات «غير طبيعية». أحد الأمثلة المعروفة يخص طائفة الزواحف. تقليديا، أدرجت السحالي والتماسيح في طائفة الزواحف، ولكن الطيور مدرجة في طائفة منفصلة تسمى «أفيس». هذا منطقي بيولوجيا للغاية، لأن للطيور تشريحا ووظائف فريدة خاصة بها تختلف تماما عن تلك الخاصة بالسحالي والتماسيح والزواحف الأخرى. ومع ذلك، فقد اتضح أن طائفة الزواحف ليست أحادية العرق، كما يوضح شكل
صفحة غير معروفة