أيخلق الله لكل إنسان حرية إله فعال لما يريد؟
ذلك محال.
أم يخلق لهم حرية المساواة في الأقدار والأعمال؟
ذلك أمر لا يقوم به قوام للموجودات في عالم الحدود.
فإذا لم تكن حرية آلهة ولا حرية تنفي الفوارق والأقدار، فهي إذن هذه الحظوظ من الحرية التي رأيناها للخلق في هذه الحياة.
وقد ساء ظنا وساء فهما من يرى أن الله قد أعطى الخلق قوامه بهذه الحظوظ، وهذه القسم، وهذه الأقدار، ثم يفوته أن قوام الخلق لا ينتهي إلى ظلم واختلال، وهو في ذمة الغيب وذمة الأبد، ولا يمكن أن يكون في الحاضر، ولا في ذمة العلم الذي يحيط به أبناء الفناء.
وعلى هذا يستطيع المسلم أن يؤمن بكل حكم من أحكام القرآن في مسألة القضاء والقدر على تعدد الجوانب التي تناولتها هذه الأحكام؛ لأنه يؤمن عقلا بأن وجود الله يبطل قيام التكليف، وأن قيام التكليف لا يبطل اختلاف الحظوظ والأقدار، وأن اختلاف الحظوظ والأقدار لا يختم قدرة الله في الأبد الأبيد على تحقيق العدل فيما قضاه.
وهنا محل الإيمان بما يرجع إلى الغيب ولا تحصره الشهادة.
ولكن الإيمان بالغيب إيمانان: إيمان بما لا يعقل، وهو تسليم مزعزع الأساس.
وإيمان بما ينتهي إليه العقل حين يبلغ مداه، وهكذا يكون الإيمان إن كان لا بد من إيمان.
صفحة غير معروفة