الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

فؤاد زكريا ت. 1431 هجري
111

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

تصانيف

Essays on the

» (1884)، وأشرف على طبعهما ابنه «ولفرد وورد». وتعرض هذه البحوث لذلك الخلاف الضخم الذي نشب بين حركة أكسفورد والمذهب التجريبي عند جون ستيوارت مل وأفراد مدرسته، بوصفهم أقوى مفكري ذلك العصر تمثيلا للفلسفة الدنيوية، وهذه البحوث أشبه بطرف مقابل لكتاب مل: «اختبار لهاملتن»، وهي تؤلف في الوقت ذاته ردا على هجوم مل، بقدر ما كان تفكير وورد قريب الشبه، في نقاط معينة، من تعاليم المفكر الاسكتلندي هاملتن.

وقد وجه نقد وورد إلى القضية الرئيسية في الفلسفة التجريبية، القائلة إن كل معرفة لنا مستمدة من التجربة، وإن هذه هي المصدر الوحيد المشروع لليقين والحقيقة. فما علينا، في رأيه، إلا أن نخطو خطوة واحدة نتجاوز بها المعطيات المباشرة للوعي، أعني أن نتأمل مثلا، بدلا من هذه المعطيات، الأفكار المستعادة التي تمدنا بها التجربة بطريق غير مباشر؛ لندرك مدى استحالة وجهة النظر المقتصرة على التجربة، أو وجهة النظر «الظاهرية» الخالصة (

) كما يسميها وورد في معظم الأحيان كلما كان بصدد الكلام عن موقف مل. ذلك لأننا في حالة التذكر لا نهتم بالانطباع الحاضر الذي يكون لدينا بحادث ماض، وإنما نهتم بالوجود الفعلي لهذا الحادث في الماضي. وإن مجرد كوننا نتذكر، لدليل كاف على أن المعارف (Cognitions)

التي توصلها إلينا الذاكرة ليس لها ضمان في التجربة المباشرة، بل إن علينا - لكي نفسر الذاكرة - أن نفترض معارف (

cognitions ) لا يتم اكتسابها بالطريقة التي يقول بها المذهب التجريبي. ومثل هذه النتيجة تصدق على كل معرفة يود المذهب التجريبي أن يردها إلى التجربة الخالصة والاستقراء، فعملية المعرفة

Cognition

لا تبنى فقط على ما يجري بالفعل، وإنما تبنى أيضا - وبصفة دائمة - على نوع من المعرفة

Knowledge

لا صلة له بالتجربة، لا بطريق مباشر ولا بطريق غير مباشر، بل هو بالفعل مختلف عنها اختلافا أساسيا. ذلك هو «الحدس»، وليست الموضوعات التي تعرف بواسطته هي المعطيات الظاهرية (Phenomenal)

صفحة غير معروفة