وفي ((شرح معاني الآثار)) للطحاوي(3): حدثنا علي بن شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا))(1).
فذهب قوم إلى أن للراهن أن يركب الرهن بحق نفقته إليه ويشرب لبنه أيضا، وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ليس للراهن أن يركب الرهن ويشرب لبنه وهو رهن معه، وليس له أن ينتفع بشيء، وكان من الحجة لهم أن هذا الحديث مجمل لم يبين فيه من الذي يركب ويشرب اللبن، فمن أين جاز لهم أن يجعلوه للراهن دون أن يجعلوه للمرتهن، ومع ذلك فقد روى هذا الحديث هشيم وبين فيه مالم يبين يزيد بن هارون.
حدثنا أحمد بن داود حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الصائغ حدثنا هشيم عن زكريا عن الشعبي عن أبي هريرة مرفوعا: ((إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها ولبن الدر يشرب، وعلى الذي يشرب نفقتها)).
فدل هذا الحديث أن المعني بالركوب وبشرب اللبن في الحديث الأول هو المرتهن، فجعل ذلك له، وجعلت النفقة بدلا مما يتعوض منه مما ذكر وكان هذا عندنا، والله أعلم في وقت ما كان الربا مباحا، ولم ينه حينئذ عن القرض الذي يجر منفعته، ولا عن أخذ الشيء بالشيء وإن كانا غير متساويين، ثم حرم الربا بعد ذلك وحرم كل قرض جر نفعا، وأجمع أهل العلم على أن نفقة الرهن على الراهن لا على المرتهن، وأنه ليس للمرتهن استعمال الرهن.
صفحة ١٦