الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)
محقق
أحمد الحوفي، بدوي طبانة
الناشر
دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع
مكان النشر
الفجالة - القاهرة
قصد إلى المعنى، وإذا كان أهل اللغة والاستعمال قد اصطلحوا على ذلك واتفقوا عليه وجب اتباعهم لأن البحث لفظي.
٤٧- قال المصنف: "واعلم أن البيان علم عقلي يدرك بالذوق والعقل حسنه من قبحه، وليس كعلم النحو، فإنه تقليد العرف، والذي تكلفه النحاة من التعلات واه لا يثبت على محك النظر؛ لأنهم إنما سمعوا من واضح اللغة رفع الفاعل ونصب المفعول من غير دليل أبداه لهم، فاستخرجوا لذلك أدلة وعللا، وإلا فمن أين علم هؤلاء أن الحكمة التي دعت الواضع إلى رفع الفاعل ونصب المفعول من غير دليل أبدا هي التي ذكروها١.
أقول: إن كان هذا الرجل ممن ينفي القياس في الشرعيات كلمناه كلاما أصوليا كما تكلم الشيعة والنظام٢ وأهل الظاهر٣ وغيرهم ممن نفى القياس في الفقه، وإن كان يعترف بالقياس في الشرعيات فالقياس في الشرعيات كقياس في النحويات؛ لأنا علمنا أن الحكمة التي دعت الواضع إلى رفع الفاعل ونصب المفعول هي الوجوه التي يذكرها النحاة، لكونها
_________
١ بتصرف من: ١/ ١١٩.
٢ النظام هو إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري، انفرد في الاعتزال بمذهب خاص، وكان أستاذ الجاحظ، وكان متكلما عالما أديبا له نثر جيد وشعر رقيق، وقد بنى مذهبه الكلامي على الشك والتجربة. توفي سنة ٢٢١هـ.
٣ أهل الظاهر هم الذين ينكرون الرأي والقياس، أسس المذهب داود الظاهري الأصفهاني الأصل البغدادي الدار، وعماد مذهبه إنكار القياس، والاعتماد على أن في الكتاب والسنة ما يفي بمعرفة الواجبات والمحرمات، والجري على تقديم ظواهر الآيات والأحاديث على التعليل العقلي للأحكام.
مات ببغداد سنة ٢٧٠هـ ونشر مذهبه بعده ابنه محمد المتوفى سنة ٢٧٩.
وقد كثر أتباع المذهب بالعراق وفارس والأندلس، ثم انقرضوا بعد المائة الخامسة.
4 / 92