178

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

محقق

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

الناشر

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

مكان النشر

الفجالة - القاهرة

والذي يريدونه بالشعر يأتي في كل قياس مخيل يعلم العاقل كذبه، لكنه يحدث له مع ذلك نوع قبض أو بسط أو إقدام أو إحجام، كما يقال: لا تأكلوا العسل، فإنه ثمرة مقيئة١، أو يقال للحلواء الرطبة المزعفرة لا تأكلها فإنها غائط. فالعقل والحس يكذبان هذا الكلام الذي هو في قوة قياس، صورته هكذا: كل غائط فهو غير مأكلة. ومع علمه بكذبه ينقبض عن الأكل. وأكثر إقدام الناس وإحجامهم بسبب هذه التخيلات والأوهام، وهي الأقيسة الشعرية التي يذكرونها، وإنما سميت شعرية لمشابهتها مقاصد الشعراء في تخيلاتهم وتزويقاتهم.
وأما توهمه أن الشاعر يحتاج وقت نظم الشعر إلى استعمال مقدمتين ونتيجة، وقوله إن ابن سينا كان ينظم شعرا ولا يرتب المقدمتين وقت نظمه، فتوهم بعيد، وإن كان القوم عنده بهذه الصورة ويراهم بهذه العين فإنه لم يعرفهم:
٦١- قال المصنف: وقد تصفحت كتاب الخصائص لأب الفتح ابن جني، فوجدته قد ذكر في المجاز شيئا يتطرق النظر إليه، وذلك أنه قال: لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا لمعان ثلاثة: وهي الاتساع، والتشبيه والتوكيد،

١ ثمرة مقيئة، يقفق هذا مع قول الشاعر:
تقول هذا مجاج النحل تمدحه ... وإن ذممت فقل قيء الزفابير
وكان بالأصل "مرة مقيئة".

4 / 192