الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

ابن أبي الحديد ت. 656 هجري
150

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

محقق

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

الناشر

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

مكان النشر

الفجالة - القاهرة

المعلم١، وشجاعها المقدم، وليثها الذي تحجم الليوث ولا يحجم، فأمد وطأتك على أهل الريب والفساد، وشرد بهم عن جميع الأعمال والبلاد، وانتدب للقيام بسياستهم كانتدابك للقيام بالفرض، فما كان لزعيم أن تكون له سياسة حتى يثخن٢ في الأرض. والأموال المتمزقة في أقصى الأعمال ونائيها٣ لا تحرس إلا بإراقة الدماء على جوانبها، ومن الجور البين والحيف وضع الصفح موضع السيف. ونوابك الذين ترتبهم في الأعمال، وتستعين بهم على حراسة الأموال، فأصلحهم أولا وطهرهم، ليحصل بهم الصلاح والطهارة، ولا ترض لهم أن يكونوا ممن يأمر الناس وينسى نفسه الأمارة. وألزمهم بمداومة فعل الخير يكونوا "أهله"، ولا تجعلهم ممن ينهى عن خلق ويأتي مثله. وأقم عليهم الأرصاد، واقعد لهم بالمرصاد، ورضهم على اتباع منهاجك القويم، واهتداء صراطك المستقيم، وعلمهم من سجاياك المحمودة ما لم يعلموا "وفوق كل ذي علم عليم". وحراسة الطرق والمذاهب، وحماية المسالك والمشارب وقمع كل ناجم

١ الفارس المعلم: بكسر اللام هو الذي يجعل لنفسه علامة الشجعان في الحرب. ٢ يثخن: من أثخن في العدو أي بالغ الجراحة فيهم، وأثخن فلنا إذا أوهنه، وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ﴾ أي غلبتموهم وكثرت فيم الجراح. ٣ بالأصل "ودنايها".

4 / 164