الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

ابن أبي الحديد ت. 656 هجري
139

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

محقق

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

الناشر

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

مكان النشر

الفجالة - القاهرة

في أوقاتها، من غير إرجاء يفضي إلى قواتها، مستمدا من تدبيره الصائب ورشده، ما يبصر به سبيل قصده، ومستنجدا من رأيه الثاقب ما إذا شذ بزنده ضرب بنصل يقطع الهام من غمده". هذا يتضمن من الأمثال الشعرية قول أبي الطيب المتنبي: إذا شد زندي حسن رأيك في يدي ... ضربت بنصل يقطع الهام مغمدا١ ومن ذلك قولي في توقيع بعض مشرفي الأعمال في ذكر الأمانة: "فإنها الدرع التي تسخر بالنبال، وتهزأ بالنصال، وتضمن سلامة دارعها يوم النزال. وقل من أصبح منها حاسرا، إلا وأمسى في صفقته خاسرا، أو كان لها مجانبا، إلا ونزل عن السعادة جانبا، فالأمانة سر المرء وجوهره، وباطن الإنسان ومخبره، وبها يستدل على شرف نفسه وديانتها، ومنها يعلم ثمنها ومقدار قيمتها، فإن كملت وتمت دلت على عزة النفس وعلوها، واحتقارها لدنايا الحطام وسموها، وإن نقصت أبانت عن لؤم المرء ونقصه، وكشفت عن شرهه وحرصه، فيستسلف عاجلا أقبح الذكر، ويتحمل آجلا أثقل الوزر، وقل أن يعدم بينهما تقديم العقوبة وتعجيلها، وطروق الحادثة وحلولها، فلتكن عصمة الله ممن يستشعر الحذر، ويشاهد الأشياء بالبصيرة قبل مشاهدتها بالبصر". وفي أول هذا الفصل معنى قول الراجز، وقد صار مثلا:

١ من قصيدته في مدح سيف الدولة التي مطلعها: لكل امرئ من دهره ما تعودا ... وعادات سيف الدولة الطعن في العدا الديوان ١/ ١٩٣.

4 / 153