الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

ابن أبي الحديد ت. 656 هجري
134

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

محقق

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

الناشر

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

مكان النشر

الفجالة - القاهرة

الرجل الشهم الذي ينفذ نفوذ السهم، ويدرك بحسه الثاقب خفي الوهم إذا سفى به أرضا صابها١، وإن رمى به رمية أصابها، وإن عالج تدبيره معاملة سقيمة أبرأ أوصابها. هذا إلى ما خص به من سياسة تمنع خطاب الضمير، فضلا عن خطوات التدبير، وأمانة ضم عليه إهابها، وسمع قرقعة جلبابها، وضفا عليه سربالها وتخب وراءه أذيالها. ومن أيام عطلته رب الصيانة التي لا تجحد، ومدخر القناعة التي هي كنز لا ينفد، والصابر على البؤس بل على العطب، بل لا يصبر على النار إلا خالص الذهب. فرأى الديوان العزيز إعادة النظر بالمعاملات الفلانية إليه، والتعويل في إصلاح فاسدها وتقويم مائدها عليه علما أنه قد سلم القوس إلى باريها، وأضاف العقيلة إلى كفئها وكافيها". في هذا الكلام من الأمثال والنكت الرائقة ما لا خفاء به. ومن ذلك قولي في هذا التوقيع من الوصايا: "وليهتم أولا بحفظ البذور التي هي رأس المال، وذخيرة الأعمال، والعروس التي تجتنى ثمارها، والبضاعة التي إذا حرست أمن بوارها، والتفريط في القليل عنها ليس بقليل ولا قريب. وفي المثل: كم بذي الأثل دوحة من قضيب٢، وليتخيرها خالية من الغش

١ صابت السماء: أمطرت، وجادت الأرض، فهو لازم ومتعد كما في تاج العروس مادة صوب. ٢ الأثل: شجر واحدته أثلة وهي السمرة أو شجرة من العضاة طويلة مستقيمة تعمل منها القصاع والأقداح. الدوحة: الشجرة الضخمة. القضيب: الغصن. والمعنى كم من شجرة ضمة أصلها فرع صغير.

4 / 148