قلت اما استحالة الماء العذب ملحا فقد يحكم العقل به باعتبار العادة واما عكسه ففيه بعد ونظيره استحالة الطعام الى الرجيع دون عكسه فان قيل ما الحكمة فى ان بعض البقاع ماؤها حلو دون البعض
قلت نقل الجلال السيوطى رحمه الله ونفعنا به انه قال اخرج ابن ابى حاتم عن ابى سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه انه قال خرجت اريد اشرب ماء المر فمررت بالفرات فاذا الحسن والحسين فقالا يا ابا سعيد اين تريد قلت اشرب ماء المر قالا لا تشرب ماء المر فانه لما كان زمن الطوفان امر الله سبحانه وتعالى الارض ان تبلع ماءها وامر السماء ان تقلع فاستعصى عليه بعض البقاع فلعنه فصار ماؤه مرا وترابه سبخا لا ينبت شيئا انتهى وفى عدم اقتصاره على لفظ سبخا مع التقييد لعدم انبات شيء دافع ما لعله ان يرد ان بعض البقاع الشريفة متصفة بمرارة الماء مع سبخ التربة فتفطن ونقل القطب المكى عن القاضى حسين المالكى المكى المشهور انه ذكرت بمجلسه اية لو نشاء لجعلناه حطاما وهو قوله لو نشاء جعلناه اجاجا ان اللام تزاد للتاكيد وذلك ان جعل الزرع حطاما مما قد يفعله الانسان بخلاف جعل الماء اجاجا فانه ليس فى قدرة الانسان فلما كان كذلك اكد الله عز وجل نسبته الى نفسه دفعا لتوهم مدخلية الانسان فيه ولم يؤكد الثانى لعدم جريان التوهم فيه وهذا من خصائص القاضى حسين المذكور وقد رايت بعض العلماء سئل عن الحكمة فى زمزم مع كونها اشرف الابار وقد جمعت من الفضائل مالا يشاركها غيرها فيها وهى غير شديدة الحلاوة بل لا تخلو من نوع ملوحه هى عين الحلاوة
صفحة ١٤