البحار وسائر الهوام فيسندون إليها الكلام لتمثيل لسماعه الأسماع وترغب في مطالعته الطباع لأن الوحوش والبهائم والهوام والسوائم غير معتادة لشيء من الحكمة ولا يسند إليها أدب ولا فطنه ولا معرفة ولا تعرف ولا قول ولا فعل ولا تكليف لأن طبعها الشماس والأذى والافتراس والإفساد والنفور والعدران والشرور والكسر والتغريق والنهش والتمزيق فإذا أسند إليها مكارم الأخلاق وأخبر بأنها تعاملت فيما بينها بموجب العقل والوفاق وسلكت وهي مجبولة على الخيانة سبل الوفاء ولازمت وهي مطبوعة على الكدورة طرق الصفاء أصغت الآذان إلى استماع أخبارها ومالت الطباع إلى استكشاف آثارها وتلقتها القلوب بالقبول والصدور بالانشراح والبصائر بالاستبصار والأرواح بالارتياح لكونها أخبارًا منسوجة على منوال عجيب وآثارًا أسديت لحتها في صنع بديع غريب لا سيما الملوك والأمراء وأرباب العدل والرؤساء والسادة والكبراء وأبناء الترفه والنعم وذو والمكارم والكرم إذا قرع سمعهم قول القائل صار البغل قاضيًا والنمر طائعا لا عاصيا والقرد رئيس الممالك والثعلب وزيرًا لذلك والذئب مؤرخًا أديبًا والحمار منجمًا طبيبًا والكلب كريمًا والحجل نديمًا والغراب دليلًا والعقاب خليلًا والجدأة صاحبة الأمانة والفأرة كاتبة الخزانة والحية راقية والبومة ساقية وضحك النمر متواضعًا وغدا الأسد لإرشاد الذئب سامعًا ورقص الغزال في عرس القنفد وغنى الجدي فطرب
1 / 25