حد يؤهلهم لنشرها وإشاعتها بين الناس. فقد نفهم حينئذ أن المراد بالجملة الاولى التي نفت التوريث، بيان أن الأنبياء لا يسعون للحصول على الذهب والعقار ونحو هما، ولا يكون لهم من ذلك شئ ليرثه آلهم. 8 - ولا يجوز لنا أن نقيس عبارة الحديث المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (إن الناس لا يورثون الكافر من أقاربهم (1)، بل يلزمنا أن نفرق بين التعبيرين لأن المشرع إذا تكلم عمن يشرع لهم أحكامهم كان الظاهر من كلامه أنه يلقي بذلك عليهم حكما من الأحكام. فإخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن عدم توريث الناس للكافر من أقاربهم لا يصح تفسيره بأنه إخبار فقط، بل يدل فوق هذا على أن الكافر لا يرث في شريعته. وتختلف عن ذلك العبارة التي نقلها الخليفة، لأن موضوع الحديث فيها هو الأنبياء لا جماعة ممن تشملهم تشريعات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأحكامه، فليس في الأمر ما يدل على حكم وراء الأخبار عن عدم توريثهم. 9 - وليس لك أن تعترض بأن الأنبياء كثيرا ما يحوزون على شئ مما ذكر في الحديث، فيلزم على ما ذكرت من التفسير أن يكون الحديث كاذبا، لأنك قد تتذكر أن الذي نفي عن الأنبياء هو التور يث خاصة، وهو ينطوي على معنى خاص، وأعني به إسناد الأرث إلى المورث. وهذا الأسناد بتوقف على أن يكون المورث قد سعى في سبيل الحصول على المال الذي تركه ميراثا بعده، كما يتوقف معنى المهذب على استعمال وسائل التهذيب.
---
(1) ورد الحديث بألفاظ وعبارات اخرى مفادها ما تقدم، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لا يرث المسلم الكافر ولا الكفار المسلم، راجع سنن ابن ماجة 2: 164، صحيح سنن المصطفى / أبي داود 2: 19 - باب هل يرث المسلم الكافر.
--- [158]
صفحة ١٥٧