كنانة:
وهي تسكن جنوبي الحجاز، ومنها قريش وهي التي كانت تسود هذا القسم.
وقد كان بين ربيعة ومضر عداء شديد ظل قرونا طويلة أدى إلى أن ربيعة غالبا كانت تتحالف مع اليمنيين لمقاتلة المضريين.
هذه خلاصة لأشهر القبائل العربية ومواطنها، وقد ذكرنا أن هذه الأنساب مجال للشك؛ ولكنها سواء صحت أم لم تصح قد اعتنقها العرب، ولا سيما متأخريهم، وبنوا عليها عصبيتهم، وانقسموا في كل مملكة حلوها إلى فرق وطوائف حسب ما اعتقدوا في نسبهم، وأصبحت هذه العصبية مفتاحا نصل به إلى معرفة كثير من أسباب الحوادث التاريخية، وفهم كثير من الشعر والأدب، ولا سيما الفخر والهجاء، والإسلام جاء وكان قد تم اعتقاد العرب بأنهم في أنسابهم يرجعون إلى أصول ثلاثة: ربيعة ومضر واليمن، وأخذ الشعراء يتهاجون ويتفاخرون طبقا لهذه العقيدة، واستغلها خلفاء بني أمية ومن بعدهم، فكانوا يضربون بعضا ببعض مما لا محل لشرحه الآن.
حالة العرب الاجتماعية؛ قدمنا أن العرب في الجزيرة كانوا قسمين: بدوا وحضر، وأن البدو هو القسم الغالب.
فأما البدو فكانوا ولا يزالون يحتقرون الصناعة والزراعة والتجارة والملاحة، إنما يعيشون على ما تنتجه ماشيتهم، يأكلون لحومها بعد علاج بسيط، ويشربون ألبانها، ويلبسون أصوافها، ويتخذون منها مساكنهم، وإذا اشتد بهم الضيق أكلوا الضب واليربوع والوبر؛ وهم يعتمدون في تغذية ماشيتهم على الطبيعة: يخرجون بها في مواسم المطر إلى منابت الكلأ لترعى، فإذا انتهى الموسم عادوا إلى مواطنهم ينتظرون أن يحول الحول وينزل الغيث، وإذا احتاجوا إلى غير ما تنتجه ماشيتهم تعاملوا من طريق البدل، فكانوا يستبدلون بالماشية ونتاجها ما يتطلبون من تمر ولباس.
ونوع آخر اتخذوه أيضا وسيلة من وسائل العيش: وهو الغارة والسلب، يغيرون على قبيلة معادية - وكثيرا ما تكون المعاداة - فيأخذون جمالهم ويسبون نساءهم وأولادهم، وتتربص بهم القبيلة الأخرى ذلك فتفعل ما فعلوا، بل هم إذا لم يجدوا عدوا من غيرهم قاتلوا أنفسهم؛ ولعل خير ما يمثل ذلك قول القطامي:
فمن تكن الحضارة أعجبته
فأي رجال بادية ترانا
ومن ربط الجحاش فإن فينا
صفحة غير معروفة