الإيمان بين السلف والمتكلمين
الناشر
مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وأبو حنيفة ﵁ سلفي العقيدة ولا ريب، إلا أن هناك مسألة عقدية تعرَّض للنقد فيها من جانب أئمة السلف، وعلمائهم، وهي قوله في الإيمان، الذي لأجله رُميَ بالإرجاء.
رأي أبي حنيفة في حقيقة الإيمان:
وقبل أن أذكر وجهة نظر الناقدين له يحسن بي أن أبين رأي الإمام أبي حنيفة في الإيمان أولًا، فأقول وبالله التوفيق:
إن أبا حنيفة ﵁ قد اشتهر عنه قوله بأن الإيمان عبارة عن أمرين لا ثالث لهما، تصديق بالقلب، وإقرار باللسان.
قال ﵀ في «الوصية» ١: الإيمان إقرار باللسان، وتصديق بالجنان، والإقرار لا يكون وحده إيمانًا، لأنه لو كان إيمانًا لكان المنافقون كلهم مؤمنين. وكذلك المعرفة وحدها لا تكون إيمانًا، لأنها لو كانت إيمانًا لكان أهل الكتاب كلهم مؤمنين. قال تعالى في حق المنافقين: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ ٢، وقال تعالى في حق أهل الكتاب: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ﴾ ٣.
قال شارح الفقه الأكبر - بعد سَوْقِه لما تقدم - ضمن شرحه: والمعنى أن مجرد معرفة أهل الكتاب بالله ورسوله لا ينفعهم٤، حيث ما أقروا بنبوة
_________
١ وصية الإمام أبي حنيفة، ص١، مخطوطة بمكتبة أسعد أفندي، ضمن المكتبة السليمانية باستانبول، رقم ١٢٩٦. وانظر: الفقه الأكبر مع شرحه لعلي القاري، ص٨٥، ط مطبعة الحلبي، مصر سنة ١٣٧٥هـ.
٢ المنافقون:١.
٣ الأنعام:٢٠.
٤ هناك فارق بين التصور الإسلامي للألوهية، وبين تصور أهل الكتاب للألوهية، الذي ينطوي على الشرك أحيانًا، وعلى التجسيد، ومشابهة المخلوقات أحيانًا أخرى، ثم القول بأن محمدًا ﷺ مبعوث إلى العرب خاصة، هو رأي قلة من منصفيهم، مع أنه رأي باطل أيضًا.
1 / 95