الإيمان بين السلف والمتكلمين
الناشر
مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
تقرير كل معتقد فإنهم رأوا أنه ورد في الكتاب والسنة نصوص تستثني في الأمور المقطوع بثبوتها ووقوعها.
فمن القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ ١ فقد استثنى الرب ﵎ مع أن دخولهم المسجد الحرام أمر واقع مقطوع به لا محالة. وهذا دليل على جواز الاستثناء في ما هو مقطوع به كالإيمان وغيره.
أما من السنة النبوية المطهرة فما رواه مسلم عن عائشة ﵂ أنها قالت: كان رسول الله ﷺ، يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول:" السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدًا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لا حقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد " ٢. فهل كان النبي ﷺ شاك في موته؟ طبعًا لا. إذًا فقد استثنى في أمر مقطوع به وواقع لا محالة.
وروي أيضًا عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: " لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا " ٣، فأي شك في هذا الاستثناء. وقد تقدم أيضًا أن الإيمان متضمن للعمل، ولا يستطيع أحد أن يزعم أنه أتى بأعمال الإيمان كلها.
وقد ورد أيضًا عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم يرون الاستثناء في الإيمان، كما ذكر أبو عبيد القاسم بن سلام أن رجلًا قال عند ابن مسعود: أنا مؤمن، فقال ابن مسعود: أفأنت من أهل الجنة؟ فقال: أرجو، فقال ابن مسعود: أفلا وكلت الأولى كما وكلت الأخرى ٤.
_________
١ الفتح: ٢٧.
٢ مسلم، صحيح مسلم مع شرح النووي، ج٧ ص٤٠، ط المطبعة المصرية ومكتبتها.
٣ مسلم، المصدر السابق ج٣ ص٧٤.
٤ أبو عبيد القاسم بن سلام، كتاب الإيمان، رسالة رقم ٢ من رسائل من كنوز السنة بتحقيق محمد ناصر الدين الألباني، ص٦٧، دمشق، المطبعة العمومية.
1 / 72