الإيمان بين السلف والمتكلمين
الناشر
مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الفصل الثالث
زيادة الإيمان ونقصه
هذه المسألة هي محور خلاف بين الطوائف الإسلامية، فكل فرقة منها بَنَتْ رأيها في الإيمان على أساس أن ينتج القول بالزيادة والنقصان، أو عدمهما، كما سيتبيَّن ذلك أثناء بسطنا لآرائهم في مواضعها إن شاء الله.
وبيت القصيد في هذا الفصل، هو بيان المذهب الذي ارتضاه السلف ﵏، في هذه المسألة، فأقول وبالله التوفيق:
إن السلف رحمهم الله تعالى، بعد أن أجمعوا على القول بركنية العمل في الإيمان، نظروا إلى الأمر الواقع، فرأوا الناس على درجات من التفاوت في الأعمال إذ لا يمكنهم التساوي في الإتيان بها على الوجه المطلوب، وذلك لتفاوت استعداداتهم في تقبّل ما يصل إليهم من التكاليف. فمنهم مَن بلغ من الكمال درجة يستطيع معها تنفيذ الأوامر التشريعية، واجتناب جميع المنهيات، التي نهى عنها الشارع الحكيم، فهو بهذا تقبّل التشريع الرَّباني، مصدِّقًا بقلبه تصديقًا جازمًا، فأنتج العمل، دون تفريط. ثم أنه لم يقف عند هذا الحد بل طفق ينشد درجة أكمل، فحرص على المحافظة على الإتيان بطاعات حثَّ الشارع على الإتيان بها استحبابًا لا إيجابًا، كإماطة الأذى عن الطريق، والتصدق على الفقراء، ومواساة أهل المصائب والمنكوبين، ونحو ذلك من مكارم الأخلاف وصالح الأعمال.
وصنف آخر شارك هؤلاء في الإتيان بسائر الأوامر، واجتناب كافة
1 / 41