الإيمان بين السلف والمتكلمين
الناشر
مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الكتاب والسنة يؤيدان هذا المعتقد، بل يشتملان على ما يوجب الأخذ به دون سواه.
وقبل البدء في إيضاح أدلتهم على معتقدهم هذا، أرى من الضروري أن أشير إلى أن قول شيخ الإسلام الهروي١: الإيمان تصديق كله. والذي ذكره عنه ابن تيمية ٢، لا يتنافى مع الأقوال المتقدمة، والتي اتضح لنا أن المراد منها واحد في المعنى، وكذلك تعبير الشيخ الهروي هنا عن الإيمان، يلتقي معها في المفهوم المعنوي، لأن مراده أن كل ركن من أركان الإيمان، يصدق عليه اسم التصديق، كما أن اعتقاد القلب يعتبر تصديقًا، فكذلك القول باللسان، يصدِّق هذا الاعتقاد، ويبرز وجوده. والعمل يدلُّ على صدق الإنسان فيما اعتقده بقلبه، وأبرزه بلسانه، فإن الإنسان إذا عمل بالواجبات، وتفانى في عمله، فإن ذلك أكبر برهان على صدق ما ادعاه بلسانه، واعتقده بقلبه.
وبعد أن اتضح لنا رأي السلف في حقيقة الإيمان القائل بتركُّبه من أمور ثلاثة، تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، واتفاقهم جميعًا على هذا الاعتقاد، إليك عرضًا لأدلتهم التي استندوا إليها.
أدلة السلف على مذهبهم في حقيقة الإيمان:
إن طريق أهل السنة، كما هو معروف من استقرائنا لِما قدَّموه لنا من تراث عظيم في مجال العقيدة الإسلامية، ومن مواقفهم البطولية في الدفاع عنها، وتثبيت مبدئهم ومنهجهم الذي يسيرون عليه في بيانها وإيضاحها،
_________
١ هو أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن علي بن جعفر بن منصور بن مت الأنصاري الهروي، ولد سنة ست وتسعين وثلاثمائة، وتوفي في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وقد جاوز أربعًا وثمانين. وله مؤلفات كثيرة، منها كتاب الفاروق في الصفات وكتاب ذم الكلام وأهله، ومنازل السائرين. انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ للذهبي، ج٣ ص ١١٨٣ إلى ص١١٩١، طبع دائرة المعارف العثمانية.
٢ ابن تيمية، المصدر السابق ص ٢٥١.
1 / 20