الإيمان بين السلف والمتكلمين
الناشر
مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الظاهر ١. وقد ذكر ﵀ أن هذا القول ينفرد به الكرامية، فلم يسبقهم أحد إليه.
ومن تقرير شيخ الإسلام ﵀ نرى أن الكرامية إنما يطلقون على المنافق اسم المؤمن ويعتبرونه مؤمنًا حقًا باعتبار ما ظهر منه من إقرار، غير أن الإ يمان الذي يُدخل صاحبه الجنة يُشترط فيه عندهم أن يطابق الباطن، حتى يستحق الجنة، وعليه فإن المنافقين مخلدون في النار، فهم إنما يخالفون الجماعة في الاسم دون الحكم. كما أن الإيمان واحد في جميع الناس، فهم وإن أوجبوا المعرفة والتصديق، لكن يقولون لا يدخل في اسم الإيمان حذرًا من تبعضه وتعدده، إذ أنهم يرون كرأي الخوارج أن الإيمان لا يمكن ذهاب بعضه، وبقاء بعضه، مثلهم في ذلك، مثل من اقتصر على التصديق في الإيمان وأوجب العمل، إلا أنه لا يدخله في اسم الإيمان.
فالكرامية إذًا فرقوا بين تسمية المؤمن مؤمنًا فيما يرجع إلى أحكام الظاهر والتكليف، وفيما يرجع إلى أحكام الآخرة والجزاء، فالمنافق عندهم مؤمن في الدنيا على الحقيقة، مستحق للعقاب الأبدي في الآخرة. وهذا ما يستفاد من بيان شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀.
غير أن الرأي الذي أستنتج موافقة ابن تيمية عليه، هو أنهم يرون أن العصاة إذا أقروا بألسنتهم، وتحقق شرط موافقة الباطن لذلك الإقرار فلا تثريب عليهم فيما فعلوا من المعاصي والمنكرات، كما هو رأي المرجئة الخالصة.
أدلة الكرامية:
وقد استدل الكرامية بظاهر حديث: " من قال لا إله إلا الله دخل الجنة " ٢ وقوله ﵇: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله
_________
١ كتاب الإيمان لابن تيمية، ص١١٨.
٢ انظر: بحر الكلام لأبي المعين النسفي، ص٢٠، مخطوط بمكتبة علي باشا ضمن المكتبة السليمانية باستانبول، رقم ١٥٧١.
1 / 114