ولد إدموند هسرل
Edmund Husserl (1859-1938م) في قرية بروسنيتز في مورافيا وكانت في ذلك الوقت جزءا من الإمبراطورية النمساوية، درس الرياضيات في جامعتي ليبزج وبرلين وحصل على الدكتوراه في الرياضيات عام 1881م، وفي جامعة ليبزج حضر المحاضرات الفلسفية لفيلهلم فونت، قرر هسرل أن يهب نفسه كليا للفلسفة، فارتحل إلى فينا حيث تلقى محاضرات فلسفية لفرانز برنتانو (1838-1917م)، ومن عام 1916م حتى عام 1929م قام بالتدريس في فرايبورج حيث قضى بقية عمره.
كانت المهمة الرئيسية التي نذر لها نفسه هي أن يجعل الفلسفة «علما دقيقا»، علما صارما عاما شاملا، الفلسفة عند هسرل إذن يجب أن تكون علما يبدأ بداية صحيحة ويتحرى الصواب منذ البداية، فلا يأخذ شيئا على علاته ولا يسلم بشيء، أي إن الفلسفة يجب أن تكون علم العلوم ... «علما بلا فروض مسبقة»
، يعتمد كل استدلال استنباطي أو استقرائي في صحته على الفهم الحدسي المباشر لحقائق ليس لها، ولا يلزمها، تبرير أبعد منها، إنها حقائق ضرورية صدقها واضح بذاته ولا تتطلب أسسا أخرى، مثل هذه الحقائق الضرورية لا بد من وجودها إذا شئنا ألا نقع في «نكوص لانهائي»
Infinite Regress
للتبرير، وعلى هذه الحقائق البينة بذاتها تتأسس الحقائق البينة بغيرها ويتأسس العلم كله، بهذا المعنى يعد مشروع هسرل في تأسيس المعرفة كلها على أساس يقيني موحد نظيرا لمشروع ديكارت وامتدادا له. (2) حملته على النزعة السيكولوجية
كان هسرل في أول أعماله الكبرى «فلسفة الرياضيات» واقعا في «النزعة السيكولوجية»
يفسر منشأ التصورات الرياضية، كالعدد والدوال والحقائق الحسابية ... إلخ، تفسيرا مشوبا بمسحة سيكولوجية، فيفسر امتلاكنا مثلا لتصور العدد على أنه مشتق من حدوس عقلنا بالتجمعات بما هي كذلك، غير أنه، تحت تأثير فريجه
G. Frege (1824-1925م) الذي انتقده في ذلك انتقادا عنيفا، تخلى عن هذا المنحى وتحول من نصير للنزعة السيكولوجية إلى واحد من أشد مناوئيها وأبعدهم أثرا، وكان من المترتبات المباشرة لرفضه للمذهب السيكولوجي تأسيسه للفلسفة الفينومينولوجية.
2
صفحة غير معروفة