وفضلا عن ذلك، فإن عملية الشرح - في كل خطوة - يبدو أنها تمضي وراء النص إلى جذور كل كلمة، إلى إعادة لكل بيت أو أبيات مرة ومرات، والاستماع أكثر وأكثر إلى البيت نفسه، توضح هذه الإعادات أن وظيفة الشرح هي أن تترك البيت يتكلم لا أن تفرض عليه ما ليس فيه أو أن تحاول أن تتكلم أفضل منه، إن الفكرة ذاتها - فكرة كشف «موضع» القصيدة - هي محاولة ل «تمهيد المسرح» للقصيدة لا لأخذ مكانها على المسرح، ومثلما يدعو «النقد الجديد»
New Criticism
فإن القصيدة نفسها هي كل ما يهم وليس الخلفية البيوجرافية، وإن «الخلفية» الحقيقية للقصيدة ليست حياة المؤلف بل «الموضوع»
Subject matter
الذي تتناوله القصيدة.
يتفق «هيدجر» مع «النقد الجديد» إذن في التوكيد على «الاستقلال الأنطولوجي» للقصيدة، وفي عبثية (ولا مشروعية) إعادة الصياغة، وينشأ الاختلاف بينهما في أن النقد الجديد يجد صعوبة كبيرة في تقبل «الفروض المسبقة»
كخطوة في المسعى الجدلي إلى «الحقيقة» التي تحملها القصيدة وتكشف عنها، فالنقد الجديد مأخوذ ب «الموضوعية العلمية» ومتقيد بقيودها، ويجعل من النص «موضوعا»
object
ومن الشرح تناولا علميا ل «معطيات» النص ولا شيء غير معطيات النص، أما أسلوب «هيدجر» في الشرح فيختلف جذريا عن أي «تحليل» موضوعي للمعطيات الصلبة (الماثلة في النص بدون أدنى خلاف)، غير أن وشائج القربى بين «هيدجر» والنقد الجديد ونقاط اتفاقهما المكينة من وراء الاختلافات الأسلوبية الخارجية، لتومئ إلى أن هرمنيوطيقا «هيدجر» يمكن أن تقدم الأساس والقاعدة لبعث جديد وصيغة جديدة أكثر حيوية للنقد الجديد. (7) نظرية هرمنيوطيقية في الفن
في عام 1936م ألقى «هيدجر» ثلاث محاضرات في الفن تحمل عنوان «الأصل في العمل الفني»
صفحة غير معروفة