الفضل المأثور من سيرة السلطان الملك المنصور
محقق
الأستاذ الدكتور عمر عبد السلام تدمري
الناشر
المكتبة العصرية للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
ولمّا كان في آخر الماية الخامسة وظهرت طوائف الفرنج بالشام، واستولوا على البلاد. وامتنعت هذه المدينة عليهم، ثمّ ملكوها في سنة ثلاث وخمس ماية (^١). واستمرّت / ١١٣ أ / في أيديهم إلى الآن (^٢).
وكان الخلفاء والملوك في ذلك الوقت ما منهم إلاّ مشغول بنفسه، مكبّ (^٣) على مجلس أنسه، يصطبح في لهوه ويغتبق، ويجري في مضمار لعبه ويستبق (^٤). قد بلغ أمله من الرتبة، ومنع من ملكه كما يقال بالسّكّة والخطبة. يرى السلامة غنيمة، وإذا عنّ له وصف الحرب يوما لم يسأل منها إلاّ عن طرق الهزيمة. أموال تنهب، ونفوس (^٥) تذهب. وقد تجاوزت حدّ إسرافها، وبلاد تأتيها (^٦) الأعداء فتنقصها من أطرافها. لا يبالون بما سلبوا، فهم كما قيل فيهم وفي أمثالهم:
إن قاتلوا قتلوا ... أو طاردوا طردوا
أو حاربوا حربوا ... أو غالبوا غلبوا
إلى أن أوجد الله من أوجده لنصر (^٧) دينه، وإذلال الشرك وشياطينه، فأحيا فريضة الجهاد بعد موتها، وردّ ضالّة العزّ (^٨) بعد فوتها. ورجوا (^٩) بقدرة الله ولطفه أن تفترع ممالكهم ذروة ذروة، ونأتي / ١١٣ ب / إلى عقد قوانينهم (^١٠) فنحلّها عروة عروة (^١١). ونخلي ديارهم من ناسهم (^١٢)، وتطهّر الأرض من أدناسهم (^١٣). ونجدّد
_________
(^١) المشهور أن طرابلس سقطت يوم الإثنين ١١ من ذي الحجّة سنة ٥٠٢ هـ. / ١٢ تمّوز (يوليو) ١١٠٩ م. (أنظر كتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاري - ج ١/ ٤٣٨ وما بعدها).
(^٢) في المسالك، وغيره: «ولم تزل المدينة بأيديهم». وهنا اختلاف ونقص.
(^٣) في المسالك، وغيره: «مرابط».
(^٤) هنا تقديم وتأخير في المسالك، وغيره.
(^٥) في المسالك، وغيره: «وممالك».
(^٦) في المسالك، وغيره: «وبلاد تأرّقها».
(^٧) في المسالك، وغيره: «من ادّخره لنصرة».
(^٨) في المسالك، وغيره: «ضالّة العزّ للإسلام».
(^٩) في المسالك، وغيره: «ونرجو».
(^١٠) في المسالك، وغيره: «عقد قراهم».
(^١١) في المسالك، وغيره: «فنحلّها عقدة عقدة».
(^١٢) في المسالك، وغيره: «بأسهم».
(^١٣) في المسالك، وغيره: «ونطهّر الأرض من أدرانهم وأرجاسهم».
1 / 155