فانطلق نحوه، وبلغ ذلك معاوية، فقال: اركبوا أفره دوابكم، والبسوا من أحسن ثيابكم، فإن عقيلا قد أقبل نحوكم، وأبرز معاوية سريره، فلما انتهى إليه عقيل، قال معاوية: مرحبا بك يا أبا يزيد، ما نزع بك؟ قال: طلب الدنيا من مظانها. قال:
وفقت وأصبت، قد أمرنا لك بمائة ألف، فأعطاه المائة ألف. ثم قال: أخبرني عن العسكرين اللذين مررت بهما، عسكري وعسكر علي. قال: في الجماعة أخبرك، أو في الوحدة؟ قال: لا بل في الجماعة. قال: مررت على عسكر علي، فإذا ليل كليل النبي صلى الله عليه وآله، ونهار كنهار النبي صلى الله عليه وآله، إلا أن رسول الله ليس فيهم، ومررت على عسكرك فإذا أول من استقبلني أبو الأعور وطائفة من المنافقين والمنفرين برسول الله صلى الله عليه وآله إلا أن أبا سفيان ليس فيهم. فكف عنه حتى إذا ذهب الناس قال له: يا أبا يزيد، أيش صنعت بي؟ قال: ألم أقل لك: في الجماعة أو في الوحدة، فأبيت علي؟ قال: أما الآن فاشفني من عدوي. قال: ذلك عند الرحيل فلما كان من الغد شد غرائره ورواحله، وأقبل نحو معاوية، وقد جمع معاوية حوله، فلما انتهى إليه قال: يا معاوية، من ذا عن يمينك؟ قال: عمرو بن العاص، فتضاحك ثم قال: لقد علمت قريش أنه لم يكن أحصى لتيوسها من أبيه، ثم قال:
من هذا؟ قال: هذا أبو موسى، فتضاحك ثم قال: لقد علمت قريش بالمدينة أنه لم يكن بها امرأة أطيب ريحا من قب امه. قال: أخبرني عن نفسي يا أبا يزيد.
قال: تعرف حمامة، ثم سار، فألقي في خلد معاوية، قال: أم من امهاتي لست أعرفها! فدعا بنسابين من أهل الشام، فقال: أخبراني عن أم من امهاتي يقال لها حمامة لست أعرفها. فقالا: نسألك بالله لا تسألنا عنها اليوم. قال: أخبراني أو لأضربن أعناقكما، لكما الأمان . قالا: فإن حمامة جدة أبي سفيان السابعة وكانت بغيا، وكان لها بيت توفي فيه.
صفحة ٤٠