المعتادة
والمعتادة هي: التي نزل فيها الدم سبعة أيام أو خمسة أيام فاعتادت ذلك في أول كل شهر عربي، وعند ذلك لها عادة مستمرة مطردة تحفظها وتعرفها جيدًا.
فإن قيل: وبم تثبت العادة؟ ف
الجواب
أن الحنابلة يرون أن العادة لا تثبت إلا بعد ثلاث مرات مثلًا، وهذا كلام باطل لا دليل عليه.
أما جمهور أهل العلم من الشافعية والمالكية والأحناف فيرون أن العادة تكون من مرة واحدة، وهذا هو الراجح، الصحيح، وهو ظاهر السنة؛ إذ أن النبي ﷺ لما سئل من قبل المرأة المستحاضة قال: (لتنظر عدد الأيام والليالي التي كانت تحيضهن) فردها للعادة ولم يشترط المرة الثالثة كما يقول الحنابلة، فظاهر السنة تبين أن العادة تثبت من مرة واحدة، فإذا نزل الدم من الجارية خمسة أيام من أول الشهر فإن المدة عادة مطردة مستمرة لها.
وللمرأة المعتادة ثلاثة أحوال: الحالة الأولى: وهي عدم مخالفة الدم للعادة، بمعنى: أن المرأة كانت تحيض في الشهر العربي في المنتصف، فيأتيها الدم في يوم أربعة عشر، ويستمر معها سبعة أيام إلى يوم الواحد والعشرين من كل شهر عربي، ولم يخالف الدم العادة، فهذه المرأة لا غبار عليها؛ لأنها تعتاد نزول الدم والتطهر منه في وقته الذي اعتادت عليه، فالواجب عليها في عادتها: ألا تصلي أو تصوم وقت نزول الدم، ولها أن تذكر الله جل وعلا وتسبح وتستغفر، ولا تقرأ القرآن، ولا تمس المصحف، ولا تدخل المسجد، كما سنبين ذلك تفصيلًا.
الحالة الثانية: وهي أن يعبر الدم أيام عادتها، كأن تكون معتادةً على خمسة أيام زمنًا لحيضتها، فيعبر الدم في إحدى المرات الخمسة الأيام إلى السادس أو العاشر منها، ففي هذه الحالة تتحيض خمسة أيام كما هي عادتها، ثم تغتسل وتعد الدم الزائد عن هذه الأيام دم استحاضة، فتتوضأ لكل صلاة وتتطهر وتتحفظ؛ لأنها معتادة على عادة مستمرة مطردة، والدليل على ذلك: قول النبي ﷺ لـ أم حبيبة بنت جحش ﵂ وأرضاها عندما قالت للنبي ﷺ بأنها تستحاض ولا تطهر، فقال: (امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك)، فردها النبي ﷺ إلى عادتها، فإذا عبر الدم عادتها جعلته دم استحاضة، والله أعلم.
الحالة الثالثة -وهي مهمة جدًا-: وهي انقطاع الدم قبل العادة المطردة، وحكم هذه الحالة: أن المرأة تكون حائضًا عند نزول الدم وطاهرًا عند انقطاعه، فإذا انقطع الدم عن المعتادة قبل خمسة أيام فإنها تطهر، فتغتسل وتصلي وتصوم وتؤدي العبادات، والله أعلم.
إذًا: للمعتادة ثلاث حالات: الحالة الأولى: أن يكون الدم موافقًا للعادة فلا غبار عليها.
الثانية: أن يعبر الدم أيام عادتها، فتحسب ذلك من الاستحاضة.
الثالثة: أن ينقطع الدم قبل العادة المطردة، فإن انقطع قبل العادة فهي طاهر؛ لأن حكم الحيض يدور مع الدم حيث دار وجودًا وعدمًا.
2 / 4