الأولى: أن يدعو غير الله وهو ميت أو غائب، سواء كان من الأنبياء والصالحين أو غيرهم، ويطلب منهم قضاء الحوائج أو كشف الكروب، فهذا هو الشرك بالله، فطلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم والتوجه إليهم هو أصل شرك العالم، فإن الميت قد انقطع عمله وهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فضلا عمن استغاث به، كذلك الغائب فإنه ليس له من الأمر من شيء، وإنما الأمر كله لله، فاستغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق.
ومن أمثلة ذلك قول بعض الضلال والجهال: يا سيدي فلان أغثني أو انصرني على عدوي، وأقبح منه من يناديه فيقول:» أغفر لي وتب علي «، ولقد سمعنا عن بعض البلاد إنه إذا هطل المطر بشدة هتف القبوريون:» يا سيدي عبد القادر الطف بعبادك «، فكل هذا شرك وضلال يستتاب منه صاحبه فإن تاب وإلا قتل.
الثانية: طلب الدعاء من الميت أو الغائب من الأنبياء والصالحين. كأن يقول:» ادع الله لي، أو اسأل الله لنا كما تقول النصارى لمريم وغيرها «، وهذا من البدع التي لم يفعلها أحد من سلف الأمة، ولا يستريب عالم من حرمة ذلك وعدم جوازه.
ذلك أنه إذا كان لا يشرع للمسلم أن يقصد الصلاة إلى القبور، ولا أن يقصد القبور عند الدعاء لله تعالى، فلأن يسأل الميت نفسه أولى بعدم الجواز.
فعلم أنه لا يجوز أن يسأل الميت شيئا، لا يطلب منه أن يدعو الله له ولا غير ذلك، ولا يجوز أن يشتكي إليه شيء من مصائب الدنيا والدين، ولو جاز أن يشكي إليه ذلك في حياته، فإن ذلك في حياته لا يفضي إلى الشرك وهذا يفضي إلى الشرك، ولا يلزم من جواز الشيء في حياته جوازه بعد موته، فهذا بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرم الصلاة فيه أو اتخاذه مسجدا بعد أن دفن فيه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، أما قبل ذلك فهذا كله جائز ومشروع.
صفحة ٣٢