وقال تعالى: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين} [يونس: 106].
وهذا الدعاء متضمن لدعاء العبادة؛ لأن السائل أخلص سؤاله لله، ورغب إليه بخضوع وتذلل، وذلك من أفضل العبادات، ولهذا فقد سمته نصوص الكتاب والسنة عبادة، فمن جحد ذلك فقد صادم النصوص واللغة واستعمال الأمة.
ففي حديث أنس مرفوعا: "الدعاء مخ العبادة" (¬1)، وقال تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون ... جهنم داخرين} [غافر: 60]، وقال تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين} [الأحقاف: 5 - 6].
دعاء العبادة: وهو سائر القربات من ذكر وتلاوة وصلاة ونسك، وسميت هذه الأشياء دعاء؛ إما لأنها بمنزلته في استيجاب ثواب الله وجزائه لأن من شغلته عبادة ربه عن دعائه، فإن الله عز وجل يعطيه أفضل ما يعطي السائلين، أو باعتبار كون الذاكر والتالي والمصلي والمتقرب بالنسك طالبا في المعنى، وقد شرع الله في الصلاة من دعاء المسألة ما لا تصح الصلاة إلا به كما في الفاتحة وبين السجدتين والتشهد وذلك عبادة كالركوع والسجود.
صفحة ٢٩