122

استنباطات السمعاني في كتابه «تفسير القرآن» ومنهجه فيها

تصانيف

بلاغة التعبير بالخوف دون العلم
قال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النساء ٣٥].
• قال السمعاني ﵀: " وقوله: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا﴾ أي: علمتم، وإنما عبر بالخوف عن العلم، لأن الخوف طرف إلى العلم، فإنه إنما يخاف الوقوع في الشيء للعلم به ". (^١)
الدراسة:
استنبط السمعاني استنباطًا بلاغيًا من سر التعبير بالخوف بدلا عن العلم، وقال بأن الخوف طرف إلى العلم، وإن الشيء لا يخاف الوقوع فيه إلا للعلم به. فيكون وجه استنباطه أنه لم يكن هناك خوف إلا بعد علم.
وقبل أن ندلف إلى صحة هذا الاستنباط من عدمه يجب معرفة معنى تفسير هذه اللفظة ﴿خِفْتُمْ﴾ عند علماء التفسير.
قال ابن عباس: " ومعنى خفتم: أي علمتم، وهذا بخلاف قوله تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾، فان ذلك محمول على الظن، والفرق بين الموضعين أن في الابتداء يظهر له أمارات النشوز فعند ذلك يحصل الخوف وأما بعد الوعظ والهجر والضرب لما أصرت على النشوز، فقد حصل العلم بكونها ناشزة ". (^٢)

(^١) تفسير السمعاني (١/ ١٧٦).
(^٢) انظر: تفسير الطبري (٨/ ٣١٨).

1 / 122