أنواع النزول
النزول أنواع: نزول عام، ونزول خاص.
فالنزول العام هو: نزول الله جل في علاه كل ليلة.
وهذا نزول يعم أهل الإيمان والصلاة، وأهل الكفر والعصيان والفسق والفجور، فيعم كل الخليقة.
والنزول الثاني نزول خاص: وهو أنواع، فمنها: نزول خاص بالحجيج فقط.
كما جاء في الحديث الصحيح لغيره عن النبي ﷺ قال: (إن الله ينزل إلى السماء الدنيا، فيباهي الملائكة بأهل الموقف، فيقول: انظروا إلى هؤلاء جاءوني شعثًا غبرًا فأشهدكم أني قد غفرت لهم).
فهذا نزول خاص يختص بالحجيج، فهنيئًا لمن كتب الله له أن يكون على الموقف في عرفة، فإن الله ينزل خصيصًا لهؤلاء، فينزل نزولًا يليق بجلاله وكماله وجماله، فيباهي الملائكة بهؤلاء الحجيج.
ومنها نزول خاص في ليلة النصف من شعبان، وهذا أعم من الأول مع أنه نزول خاص؛ لأن الأول يختص بالحجيج، أما ليلة النصف من شعبان فيعم المسلمين الفاجر منهم والمصدق إلا المشرك والمشاحن، فالله ينزل إلى السماء الدنيا ليلة النصف من شعبان، فيغفر لكل أحد، إلا الكافر والمشاحن، أي: الذي يحمل ضغائن في قلبه.
وهذا فيه دلالة على أن المرء الذي في قلبه حقد على أخيه مبغوض عند الله جل في علاه، ومطرود من رحمة الله جل في علاه، ولا غرو في ذلك.
وقد صح عن نبينا ﷺ أنه قال: (ترفع الأعمال يوم الإثنين والخميس، فينظر في الصحائف فيقول: انظرا هذين حتى يصطلحا)، فلا تقبل الصحائف وإن كان فيها الصيام والقيام والصدقة والجهاد، لكن إن كان في القلب شيء من الدغل لأخيه فإن هذه الصحائف لا تقبل عند الله جل في علاه.
فنقاء القلب يرتفع به المرء، ودغل القلب ينخفض به المرء، وكفانا قول الله تعالى: ﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ [الإسراء:٢٥].
وقول النبي ﷺ: (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).
وأما النزول العام فقد جاء في الحديث (ينزل ربنا ثلث الليل الأول)، كما جاء عن أبي هريرة وجاء في الرواية الأخرى: (ينزل ثلث الليل الآخر).
وجاءت الآيات والأحاديث تثبت شهود قراءة الفجر، فقال تعالى: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء:٧٨].
وطرق الجمع بين هذه الروايات التي تبدو كأنها مختلفة متعارضة أن نقول: إن الله ينزل ثلث الليل الأول، وثلث الليل الآخر يكون قد نزل جل في علاه، أو نازلًا في السماء، وينزل في الفجر يشهد الفجر.
7 / 3