179

شرح لمعة الاعتقاد - محمد حسن عبد الغفار

تصانيف

حكم المفاضلة بين الأنبياء سمع رجلٌ من المسلمين يهوديًا يقسم فقال: ورب موسى، فقال له المسلم: ورب محمد، فقال له: ورب موسى، فغضب لذلك المسلم ولطمه على وجهه، فلما مر النبي ﷺ اشتكى له اليهودي، فقال: (لا تخيروا بين الأنبياء) أي: أن اليهودي كان يتفاخر بموسى ﵇ فتفاخر المسلم بمحمد، وكان المسلم له الفخر بنبيه على أنه خاتم النبيين، فصفع اليهودي على وجهه، فقال له النبي ﷺ زاجرًا إياه (لا تخيروا بين الأنبياء)، وأوضح من ذلك أن النبي ﷺ قال: (لا تخيروني على يونس بن متى). والإشكال هنا: هو أنه ﷺ سيد ولد آدم وأفضل الخلق أجمعين، فكيف ينهى الصحابة عن أن يخيروه على يونس بن متى، وأن يخيروا بين الأنبياء؟ يجاب على هذا الإشكال بثلاث إجابات: الإجابة الأولى: أن الجمع بين النهي عن التخيير وبين قوله ﷺ: (أنا سيد ولد آدم) هو أن النهي عن التخيير بين الأنبياء لا يجوز إذا كان على سبيل التنقيص، كأن يقال مثلًا: محمد خير من يونس، أما رأيت يونس ماذا فعل؟ تعجل أمر ربه فابتلعه الحوت، أو بين موسى ومحمد ﷺ أيضًا، فيكون التخيير المنهي عنه هو التخيير الذي مآله إلى التنقيص. الإجابة الثانية: أن نهي النبي ﷺ عن التخيير: (لا تخيروني على يونس) كان قبل أن يوحى إليه أنه سيد البشر أجمعين، وأنه سيد المرسلين، فإنه ﷺ لم يكن أوحي إليه أنه سيد الخلق، ثم أوحي إليه بعد ذلك فقال: (أنا سيد الخلق يوم القيامة ولا فخر). الإجابة الثالثة: أن النهي عن التخيير إذا كان على سبيل التفاخر بينهم، لا على سبيل التبيين، وترجع هذه أيضًا إلى الإجابة الأولى.

21 / 3