شرح مقدمة التفسير لابن تيمية - العثيمين
الناشر
دار الوطن
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
وقد يكون حقا فيكون خطؤهم في الدليل لا في المدلول، وهذا كما أنه وقع في تفسير القرآن فإنه وقع أيضًا في تفسير الحديث.
فالذين أخطأوا في الدليل والمدلول مثل طوائف من أهل البدع اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الأمة الوسط الذين لا يجتمعون على ضلالة كسلف الأمة وأئمتها.
وعمدوا إلي القرآن فتأولوه على آرائهم، تارة يستدلون بآيات علي مذهبهم ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه.
الشرح
والفرق بين الأمرين أنهم تارة يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم ويحرفون الكلام عن مواضعه. ونضرب مثلًا لذلك بالمعطلة، حيث يقولون: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)، هذا يدل على أننا لا نثبت أي صفة تكون للمخلوق، وليس صحيحًا أن الآية تدل على ما قالوا. وتارة يحرفون الكلم فيقولون: إن المراد باليد: القدرة أو النعمة. فهم يثبون هذا لكن يحرفونه، فتارة يحملون اللفظ، ما لا يحتمله، وتارة يصرفونه عن معناه.
ومن هذا ما وقع أخيرًا من أولئك الذين فسروا القرآن بما يسمي بالإعجاز العلمي، حيث كانوا يحملون القرآن أحيانًا ما لا يتحمل، صحيح أن لهم استنباطات جيدة تدل على أن القرآن حق ومن الله ﷿، وتنفع في دعوة غير المسلمين إلي الإسلام ممن يعتمدون على الأدلة الحسية في تصحيح ما جاء به الرسول ﵊، لكنهم أحيانًا يحملون القرآن ما لا يتحمله، مثل قولهم: إن قوله
1 / 98