شرح مقدمة التفسير لابن تيمية - العثيمين
الناشر
دار الوطن
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
فَتَدَلَّى) (٨) (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) (٩) (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) (لنجم: ٦-١٠)، الضمير في «دنا» يعود على جبريل، وفي قوله: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) الضمير يعود على الله. وهذا هو الصحيح من أقوال المفسرين، وبعضهم قال: إن الضمائر واحدة لله.
وعلى هذا القول يكون تعالي دنا دنوا يليق بجلالة ﷿، مثل ما قال: «يدنو ربنا ﷿ إلي السماء الدنيا ... الحديث» (١) .
(فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) متعلقة بدنا، ويصح أن نقول: دنو الله قاب قوسين مثل ما قال الرسول ﵊: «إن الذي تدعون هو أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» (٢) .
(أَوْ أَدْنَى) «أو» هذه معناها عند المفسرين، بمعني بل، أو للتحقيق، كقوله: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) (الصافات: ١٤٧)، أي: بل يزيدون. وبعضهم قال: إن «أو» هذه لتحقيق ما سبق كأنه يقول: إن لم يزيدوا لم ينقصوا، كما تقول عندي ألف درهم أو أكثر، فإن الناس يفهمون من المعنى أن الذي عندك لا ينقص عن ألف درهم؛ بل إما أن يزيد أو يكن بقدره.
* * *
وكلفظ الفجر، والشفع، والوتر، وليال عشر، وما أشبه ذلك. فمثل هذا قد يجوز أن يراد به كل المعاني التي قالها السلف، وقد لا يجوز ذلك.
فالأول: إما لكون الآية نزلت مرتين فأريد بها هذا تارة وهذا تارة، وإما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معنياه، إذ قد
_________
(١) رواه الطبراني في الدعاء (١/٥٩)
(٢) رواه أحمد في المسند (٤/٤٠٢)
1 / 53