شرح مقدمة التفسير لابن تيمية - العثيمين
الناشر
دار الوطن
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ)، بأن الظالم لنفسه هو الذي يؤخر الصلاة عن وقتها، وأن المقتصد هو الذي يصليها في الوقت، وأن السابق بالخيرات هو الذي يصليها في أول الوقت، أو بعبارة أصح على وقتها، وذلك من أجل أن يشمل الذي يصليها في أول الوقت فيما يسن تقديمه وفي آخره فيما يسن تأخيره، ولهذا جاء حديث ابن مسعود: «الصلاة على وقتها» (١)؛ لأن هناك بعض الصلوات يسن تأخيرها كالعشاء.
وإذا قيل المقتصد هو الذي يؤدي الزكاة الواجبة، والسابق بالخيرات هو الذي يؤدي الزكاة مع الصدقات المستحبة، والظالم لنفسه هو الذي لا يزكي، فليس بين القولين تناقض؛ لأن كل واحد منهم ذكر نوعًا يدخل في الآية، مع أن الآية أعم من هذا حيث تشمل كل ما ينطبق عليه ظلم النفس والسبق والاقتصاد.
* * *
والعقل السليم يتفطن للنوع كما يتفطن إذا أشير له إلى رغيف فقيل له هذا هو الخبز.
وقد يجئ كثيرًا من هذا الباب قولهم: هذه الآية نزلت في كذا لا سيما إذا كان المذكور شخصًا، كأسباب النزول المذكورة في التفسير، كقولهم: إن آية الظهار نزلت في امرأة «أوس بن الصامت» وإن آية اللعان نزلت في عويمر العجلاني أو هلال بن أمية، وإن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله، وإن قوله «وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه» (المائدة: ٤٩) نزلت في بني قريظة والنضير وإن قوله (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَه) (لأنفال: ١٦)، نزلت في بدر، وإن قوله:
_________
(١) رواه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة باب فضل الصلاة لوقتها، (٧٢٥) ومسلم، كتاب الإيمان باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، (٨٥) .
1 / 43