شرح مقدمة التفسير لابن تيمية - العثيمين
الناشر
دار الوطن
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
التي تعين على فهم القرآن، وحينئذ نعرف أن هذه القواعد قواعد في التفسير؛ لتفسير القرآن، لأن فهم القرآن أحد الأمور الثلاثة التي قصدت بإنزال القرآن.
فالقرآن الكريم نزل لأمور ثلاثة: التعبد بتلاوته، وفهم معانيه والعمل به، ولهذا كان الصحابة ﵃ لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها، وما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا.
أما لفظ القرآن فلا يكاد يشكل على أحد، أو يعسر عليه؛ لأنه يقرؤه العامي والعالم والمتعلم، وأما فهمه فهو الذي يحتاج إلي تعلم وتفكر وتدبر، وأما العمل به فهو أشد على النفوس وأعظم؛ لأن النفس تحتاج إلي مجاهدة في إلزامها بما تقتضيه الحال؛ من تصديق الخبر، وامتثال الأمر، واجتناب النهي. وتأمل قوله تعالي: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَابِ) (صّ: ٢٩) حتى يتبين لك أنه لا بد من فهم القرآن، ولابد من العمل به.
وقول المؤلف ﵀ في هذا المقام: (ومعرفة تفسيره ومعانيه) كل هذا من باب عطف التفسير أو عطف المترداف، كقول الشاعر:
فألفى قولها كذبًا ومينا
وذلك لأن فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه أمور متقاربة، وإن كان فهم القرآن يتضمن فهم معناه، وفهم حكمه وأسراره، لأن القرآن له معاني، ولهذا المعاني والأحكام حكم واسرار، ثم قد يقال: إن التفسير غير المعنى، فالتفسير تفسير اللفظ، والمعنى هو ما يراد
1 / 7