شرح مقدمة التفسير لابن تيمية - العثيمين
الناشر
دار الوطن
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
والقدير؛ لأنه لا يمكن أن يخلق إلا بعلم وقدرة، ولهذا قال الله ﷿: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) (الطلاق: ١٢)، وهذا واضح؛ فلو أن أحدًا صنع جهازًا من الأجهزة فلا يمكن أن يصنعه وهو لا يدري كيف يصنعه ولا يمكن أن يصنعه وهو أشل؛ لأنه ليس قدرة.
وكذلك أسماء النبي ﷺ مثل: محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب، وكذلك أسماء القرآن مثل: القرآن والفرقان والهدى والشفاء والبيان والكتاب، وأمثال ذلك.
فإن كان مقصود السائل تعيين المسمى عبرنا عنه بأي اسم كان إذا عرف مسمي هذا الاسم، وقد يكون الاسم علمًا وقد يكون صفة، كمن يسأل عن قوله: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) (طه: ١٢٤) . ما ذكره؛ فيقال له: هو القرآن مثلًا، أو هو ما أنزله من الكتب، فإن الذكر مصدر، والمصدر تارة يضاف إلي الفاعل وتارة إلي المفعول، فإذا قيل: ذكر الله بالمعني الثاني، كان ما يذكر به مثل قول اعبد: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر. وإذا قيل بالمعني الأول، كان ما يذكره هو، وهو كلامه، وهذا هو المراد في قوله: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) (طه: من الآية١٢٤) .
لأنه قال قبل ذلك: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) (طه: ١٢٣)، وهداه هو ما أنزله من الذكر. وقال بعد ذلك (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا)
1 / 35