شرح مقدمة التفسير لابن تيمية - العثيمين
الناشر
دار الوطن
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
وقال تعالي: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف: ٢) لعل هذه للتعليل، وتعقلون يعني تفهمونه فهمًا كاملًا؛ لأنه من المعلوم أنه لو نزل على العرب بلغة غير العربية، ما عقلوه ولا فهموه، والعقل يأتي بمعني الفهم، كما قال الله تعالي: (وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة: ٧٥) .
* *
ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك.
وأيضًا فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابًا في فن من العلم، كالطب والحساب ولا يستشرحوه. فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم؟!
الشرح
هذا كلام صحيح، فإننا لو كنا مثلًا ندرس كتاب زاد المستقنع، ونقرؤه ثم نمشي فإننا لا نستفيد، وكذلك لو قرأنا كتابًا مثلا في الطب أو في الكيمياء أو ما أشبه ذلك، بأن نقرأ ونمشي، فإننا لن نستفيد أبدًا، فلقد جرت العادة المؤكدة أنه لا يمكن أن نقرأ أي كتاب إلا ونستشرحه، بأن نطلب من يشرحه لنا، وإلا صارت قراءتنا له عبثًا.
ولا يقال إن القرآن يختلف عن ذلك لكون الإنسان يثاب على تلاوته، فيقال إن القرآن له جهتان: جهة تعبد وجهة عمل وتنفيذ، فالأولى قد تحصل بأن يتعبد الإنسان لله ﷿ بقراءة القرآن. لكن الثانية التي نزل من أجلها (لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)
1 / 24