شرح مقدمة التفسير لابن تيمية - العثيمين
الناشر
دار الوطن
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
بالشرع وإما بالحس والواقع، ولكن هذا السبب يجب إذا اعتقدت أنه يحصل به الشي فيجب أن تعلم أن هذا السبب ليس مؤثرًا بنفسه، بل بإذن الله الذي جعله سببًا، ولهذا قال هنا: (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) .
وقوله: (الْحَمِيدِ) بوزن الفعيل، وهل هو بمعني فاعل أو بمعني مفعول أو بمعناهما؟ الجواب أنه بمعناهما، فهو محمود ﷾ على أفعاله وصفاته، وهو حامد لعباده الذين يستحقون الحمد والثناء.
وقوله: (اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأرْضِ) لفظ الجلالة هنا بدل من العزيز.
* * *
وقال تعالي: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ (٥٢) مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (الشورى: ٥٢-٥٣) .
الشرح
قال تعالي: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا)، (رُوحًا) أي القرآن، وسماه الله تعالي روحًا، لأن به الحياة المعنوية، وإن شئت فقل الحقيقية أيضًا، لأن من اهتدي به فإن له الحياة الكاملة في الدنيا وفي الآخرة.
وقوله (رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) يعني مما نأمر به ونوحي به، وبهذا
1 / 18