شرح مقدمة التفسير لابن تيمية - العثيمين

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
101

شرح مقدمة التفسير لابن تيمية - العثيمين

الناشر

دار الوطن

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

وأما عدلهم فمن مضمونه أن الله لم يشأ جميع الكائنات ولا خلقها كلها ولا هو قادر عليها كلها؛ بل عندهم أن أفعال العباد لم يخلقها الله لا خيرها ولا شرها، ولم يرد إلا ما أمر به شرعًا، وما سوى ذلك فإنه يكون بغير مشيئته. الشرح وهذا هو العدل عندهم. يقولون: إن الله لا يشاء كل شيء، وأفعال العباد لا يشاؤها، ولا خلق كل شيء. يقولون: لو كان الله يشاء أفعال العباد ويخلقها ثم يعذبهم فهذا ظلم، فإذا قلنا لم يشاؤه ولم يخلقها، ويعذبهم لأنهم هم الذين شاؤوها أوجدها صار ذلك عدلا. وهذا لو تأتي به لعامي وتحدثه بهذا الحديث وافقك فورا، وقال هذا صحيح، كيف الله يشاء أفعالهم ويخلق أفعالهم ثم يعذبهم عليها، فهم قالوا: هذا ظلم. إذا فالله ﷿ لم يشأ أفعال العبد ولا خلقها. ونقول لهم ردًا على قولهم: هذا في الحقيقة تعطيل وتنقص للخالق؛ أن يكون في ملة ما لا يشؤه ولا يريده، أو أن يكون هناك خلق لم يقم به، وليس الله هو الذي خلقه، وهذا معنى قوله: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء) (الزمر: ٦٢)، ثم نقول: إن الظلم منتف بأمرين: معقول، ومنقول. أما المعقول فلأن الله ﷾ أعطى الإنسان عقلًا يدرك به ويعرف به ما يضره وينفعه، وهو ليس كالبهيمة؛ بل له عقل يتصرف به، ولم يحجزه عن عقله أبدًا.

1 / 105