شرح حديث «ما ذئبان جائعان»
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
وقال: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ (١).
وفي بعض الآثار: يقول الله ﷿: "أَنَا العَزيزُ؛ فمن أرادَ العزّ فليُطِعِ العَزيزَ، وَمَن أَرادَ عزَّ الدُّنيا وَالآخِرةِ وشرفهما فَعليهِ بالتَّقْوَى".
وكان حجاج بن أرطاةَ يقولُ: قَتلني حُبُّ الشَّرفِ. فقالَ لهُ سَوَّارٌ: لَوِ اتقيتَ الله شَرفتَ.
وفي هذا المعنى يقول القائل شعرًا:
أَلَا إِنمَا التَّقْوَى هِيَ الْعِزُّ والْكَرَمُ ... وَحُبُّكَ لِلدُّنْيا هُوَ الذُّلُّ والسَّقَم
وَليسَ عَلَى عَبْدٍ تقيٍّ نقيصَة ... إِذَا حَقَّقَ التَّقوَى وَإنْ حَاكَ أَو حَجَم
وقال صالحٌ الباجيُّ: الطاعةُ إمرةٌ والمُطِيعُ للَّه أَميرٌ مُؤَمَّر عَلى الأُمراءِ، أَلا تَرَى هَيبتَهُ في صُدورِهِم، إِن قَالَ قَبِلُوا، وِإن أَمر أَطاعُوا، ثم يَقولُ: يَحقُّ لمن أَحسنَ خِدمتَكَ وَمننتَ عليهِ بمحَبَّتِكَ أن تُذْلِلَ له الجبابرةَ حتى يَهَابوهُ لهيبتهِ في صُدورهم من هيبتَكَ في قلبهِ، وكُلُّ الخيرِ من عندكَ بأوليائكَ.
وقال بعضُ السلفِ الصالح: مَنْ أَسعدُ بالطاعةِ مِنْ مُطيع؟ ألاَ وَكُلُّ الخيرِ في الطاعةِ، أَلا وِإن المُطيعَ لله مَلِكٌ في الدُّنْيَا والآخرةِ.
وقال ذو النون: مَن أكرمُ وأَعزُّ مِمَّن انقطَعَ إِلَى مَنْ مَلكَ الأَشياءَ بيدهِ؟
دَخلَ محمدُ بنُ سُليمانَ أَميرُ البصرةِ عَلَى حمادِ بنِ سلمةَ وقعدَ بين يديهِ يسألُهُ فَقَالَ له: يا أَبا سلمة، مَا لي كلما نظرتُ إليكَ ارتعدتُ فرقًا منكَ؟ قال: لأَنَّ العالِمَ إِذَا أَرادَ بعلمه وجهَ الله خافَهُ كلُّ شيءٍ، وإنْ أَرادَ أن يُكثِّرَ بهِ الكُنوزَ خافَ مِن كلِّ شيءٍ.
_________
(١) فاطر: ١٠.
1 / 92