شرح حديث «ما ذئبان جائعان»
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
عَلَى العبد من طلب المال، وضررُه أعظمُ، والزهدُ فيه أصعبُ، فإِنَّ المال يبذلُ في طلبِ الرياسةِ والشَّرفِ.
والحرصُ عَلَى الشَّرفِ عَلَى قسمين:
أحدهما: طلبُ الشَّرفِ بالولايةِ والسُّلطانِ والمال.
وهذا خطرٌ جدًّا، وهو الغالبِ، يمنعُ خيرَ الآخرةِ وشَرَفَها وكرامَتها وعزَّها.
قال الله تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ...﴾ (١) الآية.
وقلَّ مَنْ يحرصُ عَلَى رياسةِ الدُّنْيَا بطلبِ الولاياتِ فوفق؛ بل يُوكلُ إِلَى نفسهِ، كما قال النبيُّ ﷺ لعبد الرحمنِ بن سمرةَ: "يا عبدَ الرحمنِ، لا تسألِ الإمارةَ، فإِنَّكَ إِن أُعْطيتَهَا عن مَسألةٍ وُكّلتَ إليها، وإنْ أُعْطيتَهَا من غير مسألةٍ أُعنتَ عليها" (٢).
قال بعضُ السَّلفِ: ما حرصَ أحدٌ عَلَى ولايةٍ فعدل فيها.
وكان يزيدُ بنُ عبد الله بن وهبٍ من قضاةِ العدلِ والصَّالحين، وكان يقولُ: من أَحَبَّ المالَ والشَّرفِ وخافَ الدوائِرَ لم يعدلْ فيها.
وفي "صحيح البخاريّ" (٣) عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قالَ: "إِنكم سَتحرصونَ عَلَى الإمارة، وستكونُ ندامةً يوم القيامةِ، فنعم المرضعةُ، وبئستِ الفاطمة".
وفيه (٤) -أيضًا- عن أبي موسى الأشعريِّ "أنَّ رجلين قالا للنبي ﷺ: يا رسول الله، أَمَّرنا. قال: إِنَّا لاَ نولِي أَمرَنَا هذا من سأَلَه، ولا من حرصَ عليه".
_________
(١) القصص: ٨٣.
(٢) أخرجه البخاري (٦٦٢٢)، ومسلم (١٦٥٢).
(٣) برقم (٧١٤٨).
(٤) أخرجه البخاري (٧١٤٩)، ومسلم (١٧٣٣).
1 / 71