شرح الأربعين النووية للعثيمين

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
57

شرح الأربعين النووية للعثيمين

الناشر

دار الثريا للنشر

تصانيف

(البقرة: الآية٢٢٩) والظالم لا يمكن أن يقبل منه، ومن أخرج الصلاة عن وقتها بلاعذر فهو ظالم. ولقول النبي ﷺ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَليْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ (١) . وكذلك يقال في الصوم: فلو ترك الإنسان صوم يوم عمدًا بلا عذر ثم ندم بعد أن دخل شوال وأراد أن يقضيه، فإننا نقول له: لا تقضه، لأنك لو قضيته لم ينفعك، لكونك تعديت حدود الله، ولقول النبي ﷺ: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَليْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ وعلى من ترك الصلاة بلا عذر حتى خرج الوقت، أوترك الصوم بلا عذر حتى خرج الوقت أن يكثر من الطاعات والاستغفار والعمل الصالح والتوبة إلى الله توبة نصوحًا. أما الزكاة: إذا تركها الإنسان ثم تاب فإنه يزكي، نقول: زكِّ لأنه ليس للزكاة وقت محدد يقال فيه لاتزكي إلا في الشهر الفلاني. ومن مات وهو لم يزكِّ تهاونًا، فهل تخرج الزكاة من ماله، أم لا؟ والجواب: الأحوط -والله أعلم- أن الزكاة تخرج، لأنه يتعلق بها حق أهل الزكاة فلا تسقط، لكن لاتبرأ ذمته، لأن الرجل مات علىعدم الزكاة. والحج كذلك، لوتركه الإنسان القادر المستطيع تفريطًا حتى مات، فإنه لايحج عنه، لأنه لايريد الحج فكيف تُحج عنه وهو لايريد الحج. وهنا مسألة: هل يجب على ورثته أن يخرجوا الحج عنه من تركته؟ والجواب: لا، لأنه لاينفعه ولم يتعلق به حق الغير كالزكاة، قال ابن القيم في تهذيب السنن: هذا هو الذي ندين الله به أوكلمة نحوها، وهو الذي تدل عليه الأدلة. فيجب على الإنسان أن يتقي الله ﷿ لأنه إذا مات ولم يحج مع قدرته على الحج فإنه لوحُجَّ عنه ألف مرة لم تبرأ ذمته.

(١) سبق تخريجه صفحة (١٣)

1 / 59