38

شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

الناشر

دار ابن الجوزي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

تصانيف

إن السنة متواترة في الدلالة على رؤية المؤمنين لربهم (١). ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث جَرِير بن عبد الله ﵁ قال: كنا جُلُوسًا عِنْدَ النبيِّ ﷺ إِذْ نَظَرَ إلى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ قال: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا الْقَمَرَ لا تُضَامُونَ (٢) في رُؤْيَتِهِ ...» (٣). وفي الصحيحين أيضًا من حديث أبي هُرَيْرَةَ ﵁ قال: قال أُنَاسٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ هل نَرَى رَبَّنَا يوم الْقِيَامَةِ؟ فقال: «هل تُضَارُّونَ في الشَّمْسِ ليس دُونَهَا سَحَابٌ؟» قالوا: لا

(١) نصَّ على تواتر أحاديث الرؤية جماعةٌ من أهل العلم، منهم: الأشعري في «الإبانة» (١/ ١٤)، وابن حزم في «الفِصَل» (٣/ ٣)، وشيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (١٣/ ٣٥)، وفي «درء التعارض» (٧/ ٣٠)، وتلميذه ابن القيم في «حادي الأرواح» (ص ٢٣١)، والذهبيُّ في «السير» (٢/ ١٦٧) و(١٠/ ٤٥٥)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٥٧٨)، وابن حجر في «الفتح» (٨/ ٣٨٤)، والكتاني في «نظم المتناثر» (ص ٢٣٨ - ٢٤٠)، وغيرهم. (٢) قال النووي في «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٨): (قوله: «هل تُضَامون» ورُوي «تُضَارون» -بتشديد الرَّاء وبتخفيفها، والتاء مضمومة فيهما-، ومعنى المشدَّد: هل تضارون غيركم في حالة الرؤية بزحمة أو مخالفة في الرؤية أو غيرها لخفائه كما تفعلون أول ليلة من الشهر، ومعنى المخفَّف: هل يلحقكم في رؤيته ضَيْرٌ وهو الضرر. وروي أيضًا: «تضامون» -بتشديد الميم وتخفيفها، فمن شدَّدَها فتح التاء ومن خفَّفَها ضَمَّ التاء-، ومعنى المشدَّد هل تتضامون وتتلطفون في التوصل إلى رؤيته، ومعنى المخفَّف هل يلحقكم ضَيمٌ وهو المشقة والتعب، قال القاضي عياض ﵀: وقال فيه بعض أهل اللُّغة: تضارون أو تضامون -بفتح التاء وتشديد الرَّاء والميم- وأشار القاضي بهذا إلى أن غير هذا القائل يقولُهما بضمِّ التاء سواء شدَّد أو خفَّفَ وكلُّ هذا صحيحٌ ظاهرُ المعنى) أ. هـ (٣) أخرجه البخاري (١/ ٢٠٣ رقم ٥٢٩)، ومسلم (١/ ٤٣٩ رقم ٦٣٣).

1 / 71