49

شرح منظومة الإيمان

تصانيف

وفي حديث عبادة بن الصامت أن رسول الله ﷺ قال: " بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله عليه فهو إلى الله: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه" (١) . وفي حديث أبي ذر قال: قال رسول الله ﷺ: " قال لي جبريل: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ولم يدخل النار. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق" (٢) . وفي حديث ابن مسعود مرفوعا: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان" (٣) . والأحاديث في هذا الباب كثيرة. وبالجملة، فإن أهل السنة متفقون كلهم على أن مرتكبَ الكبيرة (٤) لا يكفر كفرا ينقل عن الملة بالكلية، بل هو في الجنة إما ابتداء وإما مآلا. أي: أن الله قد يعفو عنه فيدخلُه الجنة بغير عقاب، أو يدخله النار بما سبق له من العمل السيء ولكن لا يخلد فيها، بل يخرج بإذن الله ويكون مآله الجنة، جعلنا الله من أهلها، وجنبنا عذابَه بمنِّه ولُطفه آمين.

(١) - أخرجه البخاري في كتاب الإيمان برقم: ١٨ (ص٢٧)، ومسلم في كتاب الحدود برقم: ١٧٠٩ (٧٠٩) . (٢) - أخرجه البخاري في بدء الخلق-باب ذكر الملائكة، برقم: ٣٢٢٢ (ص٦١٩)، ومسلم في الإيمان برقم: ٩٤ (ص٦٤) . (٣) - أخرجه مسلم في كتاب الإيمان برقم: ٩١ (ص٦٣) . (٤) - الكبيرة تشمل الشرك أيضا، إذ هو أكبر الكبائر بنص الحديث، ولكن المقصود بها عند الإطلاق هو ما دون الشرك، وضابطها ما ورد فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة. انظر شرح الطحاوية:٣٧١، ورسالة في الموضوع للشيخ عبد الله بن الصديق ﵀ بعنوان: تنوير البصيرة ببيان علامات الكبيرة.

1 / 53